تنوّع العلاقات، لا بترها أو وقفها ظل أحد مرتكزات سياسة المملكة مع مختلف دول العالم، وقد كان مؤسس هذا الوطن، هو من فتح الأبواب فكانت رؤيته بعد أن رأى بريطانيا وفرنسا على أبواب الأفول، أن اجتمع بالرئيس الأمريكي (روزفلت) حيث لم يكن للدولة العظمى أي حضور في المنطقة، إلاّ أنه جسّد في ذلك اللقاء الرؤية البعيدة المدى لدولة قادمة وبقوة، وخاصة بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية، وبسط نفوذها على معظم دول العالم لتكون الصديق والنافذة الأولى على قوة عظمى.. هذه السياسة سارت بنفس الاتجاه مع الأبناء وحتى في صراع الشرق والغرب الذي وزع العالم بين نفوذ الدولتين ظلت المملكة وفية لالتزاماتها، ورفض أي سياسة احتواء لأي بلد، وكما أن العلاقات تضع المصالح فوق الاعتبارات الأخرى، فإن جولة سمو ولي العهد الأمير سلمان لباكستان، والهند، واليابان لا تعني توجهاً كلياً لآسيا دون بقية دول العالم، لكن الاهتمام بمسيرة الصداقة معها يؤكد أن باكستان هي أخت كبرى تجمعنا بها سنوات طويلة من صلات مفتوحة على أبواب تجارية وثقافية وتعاون في مجالات مختلفة، حتى إن مئات الآلاف ممن يعملون عندنا، هم إضافة مهمة في حاجة البلدين وإمكاناتهما المادية والبشرية، ودور باكستان إسلامياً، كبير جداً، رغم الظروف التي مرت بها من انقلابات وحروب واستنزاف مادي لسباق تسلح مع الهند، لكنها لا تزال قوة مهمة على صعيد محيطها أو عالمها الإسلامي.. الهند، قبل وبعد انفصال باكستان عنها ظلت دولة صديقة سعت في أقسى الظروف لأن تكون رمزاً للحياد ودعوات السلام، وتاريخها معنا والأمة العربية والعالم الإسلامي شهد حضوراً لا يزال قائماً، وهي أكبر بلد ديمقراطي استطاع أن يقلّص الفوارق العرقية والدينية حتى أصبحت المجتمع المثالي في تنوع أعراقه وتعايشها، ومع المملكة فإن لقاء سمو ولي العهد مع قيادات البلد الصديق، سوف ينمي الصداقة بمعيار هذا العصر وتطوره، لأن الهند قادمة كقوة عظمى في أكبر قارة نتشارك فيها جغرافياً وتاريخياً.. ولعل مضاعفات المبادلات الاقتصادية، ووجود عمالة كبيرة هندية في المملكة ودون حوادث أو تجاوزات لنظام البلدين، ما يؤكد أن هذه الأدوار تلتقي بشكل جذري مع الماضي، حتى إن مسلمي الهند يعدون الأفضل في المعاملة مع الشعوب الأخرى في داخل هذه القارة، وربما هم الأكبر تعداداً من معظم دول العالم الإسلامي، وهذا يؤكد أن مسار هذه الصداقة يتجه دائماً إلى التواصل والتلاقي على كل المستويات.. اليابان بلد المعجزات، فقد خرجت من رماد الحرب الذرية والعسكرية التقليدية لتعيد بناءها بما يشبه الثأر من الهزيمة، فقد تحوّل الشعب المحارب، وبعد عدة عقود إلى طاقة إنتاج تجاوزت الدول الأوروبية بسرعة نموها وتطورها، حتى أصبحت الدولة الصناعية المبهرة في عالم سباق ما بعد الحروب، فكانت الدليل الجديد والمثالي لاستنساخ تجربتها في القارة الآسيوية، ولا تزال تمثل الريادة في عالم الانضباط والأداء، وذهاب سمو ولي العهد لتلك الدول يؤكد أننا أصدقاء دائمون لكل الأمم والشعوب المحبة للسلام..