يسجل المراقبون السويسريون تراجع عمليات الدمج المصرفية خصوصاً في أوروبا. ففي منطقة اليورو مثلاً لدى كل مئة ألف شخص أكثر من 46 فرعاً مصرفياً في تصرفهم، ما يعني أن هذه الفروع باتت تزيد على عدد الصيدليات الأوروبية (33 صيدلية لكل مئة ألف شخص). إذ في ظل عصر الانترنت، يمكن تحويل أكثر من خمسة ملايين يورو دفعة واحدة بنقرة واحدة. لكن ربما يكون لتراجع عمليات الدمج هذه أسباب كثيرة. يُجمع خبراء مصرفيون في مدينة بازل، على أن عائدات مصارف القارة القديمة تسجل تراجعاً، ولا يعود السبب الرئيس في ذلك الى المصرف المركزي الأوروبي الذي هبط بنسب الفوائد الى الصفر، انما يكمن السبب في وجود عدد كبير من المصارف وفروعها، التي تشهد عدم فاعلية واضحة، لعدم تأقلمها مع التغييرات الطارئة على عالم الاقتصاد والمال. وهكذا أضحت عمليات الدمج بين المصارف الأوروبية في «ورطة»، إذ تراجعت بنسبة 50 في المئة مقارنة بعام 2007، وبلغ عددها هذه السنة 65 ووصلت قيمتها إلى 30.6 بليون يورو، في مقابل 160 عملية عام 2007، بقيمة 155 بليون يورو. فيما بلغ عددها عام 2008، 159 وقيمتها 108 بلايين يورو. يُذكر أن عدد المصارف في منطقة اليورو وصل الى 6570 نهاية عام 2008، ليتراجع إلى 5192 حالياً. ومقارنة بسويسرا، يبقى عدد المصارف وفروعها في منطقة اليورو عالياً جداً. وكلما زادت هذه الفروع انخفضت درجة فاعليتها الخدماتية وأدائها المالي. على سبيل المثل، يوجد في إسبانيا 70 فرعاً مصرفياً لكل مئة ألف شخص، وفي فرنسا 57، وفي ألمانيا 42، وفي بريطانيا 50 و11 في هولندا، وفي السويد 18. بالطبع، عندما يريد أي مصرف تأسيس فرع جديد، لا بد أن تزداد تكاليف العمل عليه. بيد أن المصارف الأوروبية كانت قادرة على تحمل هذه التكاليف بزيادة هوامش الأرباح، عندما كانت نسب الفوائد عالية. أما اليوم، فتدهورت هذه النسب إلى الصفر ما قطع جذرياً مردود هذه المصارف. على صعيد سويسرا، يفيد خبراء في مصرف «يو بي اس»، بأن مشكلة تكاثر الفروع لم تترك بعد آثاراً سلبية لها على الأرض. إذ جمّدت المصارف الكبيرة تأسيس أي فرع جديد منذ العام 2008، لا بل إن بعضها أقفل الفروع غير المفيدة. أما المصارف الخاصة، التي لا تستقبل إلا من لديه أكثر من نصف مليون فرنك سويسري، فهي لا تحتاج الى فروع كثيرة بل يكفيها واحد، في كل كانتون سويسري.