صادق ناشر التطورات التي تشهدها مصر منذ أيام، بخاصة ما يتعلق بالشأن الاقتصادي تبعث على الكثير من المخاوف، ذلك أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات هناك تشير إلى أن الحاجة إلى هذه الإجراءات كانت تبدو ضرورية لمواجهة الأزمات الاقتصادية، التي بدأت تباشيرها بالظهور خلال الأشهر القليلة الماضية مع انخفاض قيمة العملة المحلية، مقابل العملات الأجنبية، وما تبع ذلك من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، التي بدورها أثرت في حياة الملايين من المصريين، الذين يعتمدون على الدعم الحكومي لسلسلة من المواد التموينية منذ عقود. وجاء قرار رفع أسعار الوقود ابتداء من، يوم أمس الجمعة، ليزيد المشهد تعقيداً، وهو قرار لم يكن اعتباطياً، بقدر ما هو استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي، مقابل الحصول على قرض ب 12 مليار دولار، لضخه في جسد الاقتصاد المحلي، الذي يحتاج إلى التعافي، بعد سنوات من الاضطراب، بخاصة منذ أحداث 2011. قرارا تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود، سيؤثران على قرارات الحكومة في معالجة الأوضاع الاقتصادية على المدى القصير، حيث يبحث الناس عن أقصر الطرق لمواجهة الأوضاع المعيشية الصعبة، فيما تواجه الحكومة نفسها صعوبات في تحقيق مطالب الناس، وفي نفس الوقت الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الخارج. أكثر ما يمكن أن يشكل خطورة على الأوضاع في مصر في هذه الفترة الحرجة من تاريخها هو محاولة استغلال بعض القوى الداخلية للمشهد القائم واستخدام القرارات الاقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية، وهو ما سيدخل البلاد في أتون أزمة عميقة لن تخدم إلا أعداء مصر وشعبها. الخوف على مصر وعلى استقرارها هو ما يدفع الكثير إلى التنبيه لخطورة الوضع القائم اليوم، وانعكاساته السلبية على المنطقة بأكملها، فمصر تعد حصن العرب وجدارهم الأخير، وأية انتكاسة فيها ستكون لها نتائج وخيمة على الكل، لهذا لابد من خطوات مدروسة تبعد شبح أية خطوة من شأنها أن تعيد مصر إلى دوامة الأحداث التي شهدتها خلال سنة 2011، وما تلتها من أحداث كان من نتيجتها ما نعيشه اليوم من أزمات. الخوف على مصر يتطلب من أبنائها وأشقائها التعاطي الحذر مع التطورات المقبلة، ذلك أن أي قرار خاطئ من شأنه أن يشعل فتيل أزمات لا تنتهي، وهذا الأمر لن يقتصر على مصر وحدها، بل ستمتد آثاره إلى كل بقعة، وسيكون العرب غير قادرين على احتواء تداعياته وتأثيراته على المستويين القريب والبعيد. القرارات الاقتصادية الأخيرة لا يجب أن تكون مدخلاً لمزيد من الفوضى، ومهما كانت تأثيراتها على الناس، إلا أن الحكومة يجب أن تبحث عن بدائل تسمح بمعالجة الأضرار الناتجة عن تطبيق هذه القرارات، وتأثيراتها السلبية على البلاد بأكملها، وليس على شريحة محددة من الناس. sadeqnasher8@gmail.com