مايك ميريمان-لوتزه يعيش أصدقائي وزملائي هنا في غزة في خوف من هجوم إسرائيلي كبير آخر في مستقبل قريب. ولديهم كل الأسباب التي تجعلهم يتخوفون من تصعيد كبير آخر. فالعنف هو واقع يومي في غزة. وفي شهر أغسطس/آب وحده، قصفت إسرائيل أكثر من 50 موقعاً في القطاع الصغير. وحقيقة الوضع في غزة تتمثل في دورة فعل ورد فعل: يقصف فلسطينيون إسرائيل بقذائف صاروخية، فترد إسرائيل بقصف جوي أو مدفعي. ونحن نسمع هذه الرواية عقب كل حادث من هذا النوع تقريباً - إلا أنها رواية جزئية. إذ إن حركة حماس، التي تحكم قطاع غزة، ليست بالضرورة هي من يطلق القذائف، وإنما مجموعات مسلحة صغيرة أخرى على خلاف مع حماس. ولكن كما لاحظت الصحافة الإسرائيلية ذاتها، لم تطلق أكثر من 14 قذيفة صاروخية من غزة باتجاه إسرائيل خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى أغسطس/آب من هذا العام. وحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قامت إسرائيل خلال هذا العام ب 45 توغلاً عسكرياً في غزة، ما أسفر عن مقتل 7 فلسطينيين. كما كان 5 فلسطينيين في المتوسط يصابون بجروح أسبوعياً. وهذا جزء من معاناة غزة لا تتطرق إليه وسائل الإعلام العالمية الرئيسية. وغزة تبقى أيضاً تحت حصار إسرائيلي يفرض قيوداً مشددة للغاية على حياة الغزاويين، بما فيها تقييد السفر والتجارة. وبرغم التزام إسرائيل برفع الحصار بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في 2014، إلا أن الحصار لا يزال قائماً. وتدعي إسرائيل - مدعومة في ذلك من الولايات المتحدة - بأن الحصار المستمر منذ سنين يهدف إلى الضغط على سكان غزة لكي ينتفضوا ضد حماس ويضمنوا أمن الإسرائيليين. وإذا كان هذا هو هدف إسرائيل فعلاً، فهو فشل تام. فهذا لم يوقف العنف، ولم يضعف حماس، ولم يأت بالأمن لا لالإسرائيليين ولا للفلسطينيين. وفي حين أخفق الحصار في تحقيق التغييرات التي تدعي إسرائيل أنها تسعى إليها، فإن تأثير الحصار في السكان المدنيين في غزة مؤلم. وبعد أكثر من سنتين على نهاية آخر عملية عسكرية إسرائيلية كبرى، لا يزال قسم كبير من قطاع غزة مجرد أنقاض. ومن بين ال100 ألف فلسطيني الذين نزحوا خلال هجوم 2014، لا يزال 65 ألفاً من دون مأوى، حيث إن 70 % من المنازل التي دمرت أو تعرضت لأضرار كبيرة لم يعد بناؤها. ويعود ذلك أساساً إلى أن إسرائيل لا تزال تمنع دخول مواد البناء إلى غزة. وهذا الواقع المهم غالباً ما يغيب عن تصريحات السياسيين وتقارير وسائل الإعلام في أمريكا عندما يناقشون الوضع في غزة. ونظراً إلى الحصار، وإلى التغلغلات العسكرية الإسرائيلية المتتالية، فإن إطلاق فلسطينيين أقل من قذيفتين صاروخيتين في المتوسط شهرياً لا يمكن اعتباره السبب الجوهري للعنف. وإذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإنهاء العنف في غزة، وضمان الأمن للجميع، فعندئذ لا بد من أن تعترف بأن العنف ملازم للاحتلال الإسرائيلي وأن تعمل لإنهاء الحصار. وإذا لم يتغير شيء، فإن الهجوم العسكري المقبل على غزة الذي يتخوف منه أصدقائي الذين يعيشون هناك سيكون حتمياً. مدير برنامج فلسطين-إسرائيل التابع للمنظمة الإنسانية لجنة أمريكا لخدمات الأصدقاء - موقع كاونتر بانش