د. عبدالسلام العجيلي (1918 – 2006 م) طبيب سوري اهتم بالأدب والقصة وكتبهما، وله مؤلفات كثيرة، وهو مشهور وغنيّ عن التعريف. الكثير قرؤوا له، وهو أيضاً نائب ووزير وتعتبر كتاباته في المجال الأدبي من ضمن أغنى وأهم المدونات في العالم العربي. قرأت له أدباً عن ذكرياته في عيادته الطبية وبعض ملاحظاته الجيدة عن نفسه وعن مرضاه دون ذكر أسماء. من بينها قصة امرأة راجعته بشكوى في الأمعاء، وتكررت الزيارة فقال لنفسه: إن أمعاء البشر خلقها الله مُتدلية، بوضع شاقولي مرتبطة بالعمود الفقري، وأنها تُصبح مثل المعلقة عند جلوسه ووقوفه ومشيه. ولا عجب أن هذا الشد يجعل الإنسان أشقى من الحيوان الذي جاءت كل أمعائه مربوطة بعموده الفقري، ولكن بوضع أُفُقي يتوازن (كالميزان) عند وقوفه أو مشيه أو حتى جريِه. وتصوّرتُ -يقول- إن المتدلي يُتعب بني البشر، دون أن يعلم، أو يجد من يقول له ذلك. قلتُ للمرأة -والكلام للدكتور العجيلي- عليك أن تُجرّبي المشي على أربع!!، جربي في البيت وأخبريني. ومضت أيام دون أن تزورني المُراجعة. فتصوّرتُ إحدى حالتين: إما أنها شُفيت من الألم الذي كانت تُعاني منه، واكتفت بتلك الزيارة، أو أنها اعتبرتني مخبولاً، وفضّلت مُراجعة طبيب آخر أكثر رزانة!!. والذي أراه أن اجتهاد د. العجيلي فيه إيجابية، خصوصاً وأنه لم يُدخل دواء أو جراحة إلى جسم المريضة. لكن بعض الأطباء يتمادى في اجتهاده ويكتب أدوية لا يحتاجها المريض. وحكى لي صديق قضية دكتور عربي عندنا في الرياض. فقد طلب من مريضه الاستلقاء على سرير الفحص، ثم وضع يده اليمنى على جزء من بطنه، وأمره أن يقفز!، وبسرعة، وكرر عملية التقافز تلك عدة مرات وكأنه يحاول إجراء تمرين رياضي عنيف!. بعد ذلك أمر له بدواء لا يصلح إلاّ لتليّف الكبد. كما فهم المريض بعد ذلك، لأن تشخيص التليّف يحتاج إلى أكثر من تحليل. بدلاً من القفز. وامرأة أخرى أخذت ابنتها إلى طبيب جلدية لشكوى في فروة الرأس، فصرف لها مرهماً وقال لها: بعد ثلاثة أيام عليها أن تلحس موضع الحكة في رأس ابنتها. فإن كان الطعم مالحاً، فعليها أن تستمر في الدواء. وإن كان غير ذلك، أي لا ملح فيه، فالعلاج نجح. لكن الأم استسخفت الفكرة ولم تبدأ بـاللحس بل من نظرة بسيطة لاحظت زوال الإحمرار والقشرة. ولم تُفكّر في مراجعة ذلك الطبيب.