×
محافظة المنطقة الشرقية

الأرصاد: استمرار هطول الأمطار الرعدية بالرياض وحائل والقصيم

صورة الخبر

رانغون (أ ف ب) - شهدت بورما منذ استقلالها قبل حوالى سبعة عقود سلسلة نزاعات طاولت خصوصا المناطق الحدودية في هذا البلد الفقير في جنوب شرق آسيا، لم تتوان فيها القوات البورمية والمتمردون الاتنيون على السواء عن تجنيد اطفال لاستخدامهم في القتال داخل صفوفهم. كان سو ثت هتو ابن السادسة عشرة حينها وحيدا، ولم يكن امامه الا بضع دقائق لحسم قراره. فقد وضعه الضابط البورمي يومها امام خيارين: اما دخول السجن او الانضواء في القوات البورمية وتعزيز عديد الاطفال الجنود في البلاد. اما "جريمته" فكانت مخالفته قانونا كان يحظر حينها التجول في الشوارع بعد ساعة معينة. اختار سو ثت هو يومها الالتحاق بالجيش الذي امضى في صفوفه عامين غيرا حياته اذ انقطع عن عائلته وتعرض للضرب من دون اي مبرر واصبح مدمنا على الكحول في سن تناهز 18 عاما. اليوم، هو واحد من 800 طفل في بورما عادوا الى الحياة المدنية منذ 2012 وفق منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) التي ترعى برنامجا مشتركا مع الجيش الذي لا يخضع لسيطرة الحكومة المدنية الجديدة بقيادة اونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام. وتمثل العودة الى الحياة المدنية مهمة صعبة بالنسبة لهؤلاء الشباب على رغم برامج الدراسات او المساعدة على تأسيس شركات. ويقول سو ثيت هتو إنه لا يزال مسكونا بالذكريات الاليمة للفترة التي امضاها في الجيش، وهي مؤسسة كانت تتمتع بنفوذ كبير خلال عقود من حكم المجلس العسكري السابق. ويستذكر سو ثت هتو البالغ حاليا 21 عاما ويعمل ميكانيكيا، مرحلة خدمته العسكرية قائلا إن الضابط "ابلغني بأني لن اتمكن من رؤية والدتي اذا ما اودعت السجن لأني سابقى هناك لفترة طويلة، في حين اني ساحصل على مأذونيات في حال اخترت الالتحاق بالجيش". ولا يمكن معرفة عدد الاطفال الذين التحقوا بالجيش البورمي الذي يضم حاليا 500 الف عنصر. وبحسب الامم المتحدة، عمدت سبع مجموعات مسلحة اتنية في هذا البلد الذي يشهد منذ عقود نزاعات داخلية عدة، الى تجنيد اطفال. وكان اكثرية هؤلاء ينحدرون من عائلات ريفية فقيرة هربت من البؤس في الارياف الى رانغون او ماندالاي، اكبر مدينتين في البلاد، حيث كان ينتظرهم اشخاص منتشرون في الاماكن العامة مهمتهم اختيار المجندين بالاعتماد على وسائل عدة تشمل التهديد وتقديم المخدرات وحتى قطع الوعود بوظائف برواتب مرتفعة. - تعنيف وإدمان - وتراجعت وتيرة التجنيد منذ 2012 عندما وافق الجيش على التوقف عن تجنيد الاطفال واطلق المئات منهم. لكن بحسب الخبراء، لا يزال الاطفال هدفا لهذه العمليات. ويوضح بيامال بيشايوونغسه من منظمة العمل الدولية في رانغون أن الجيش البورمي "يواجه صعوبة في التجنيد لذا يستمرون في استهداف الاشخاص الذين يعانون اكثر الاوضاع هشاشة". وأمضى سو ثت هتو الاشهر الاولى في معسكر للتجنيد في دانيينكونه بضاحية رانغون حيث نصحه ضباط باخفاء عمره الحقيقي والتأكيد انه في الثامنة عشرة، وهي السن القانونية الدنيا للالتحاق بالجيش. وبقي لاربعة اشهر ونصف الشهر في هذا المعسكر حيث خضع للتدريب من دون التمكن من الاتصال بعائلته لاخطارها بمكان وجوده. بعدها تم ارساله الى منطقة قريبة من خط الجبهة مع المتمردين في ولاية كايين في جنوب البلاد. ويبدو التأثر على سو ثت هتو جليا عندما يتطرق الى مرحلة الادمان على الكحول. ويقول "كنت اتعرض للضرب عندما اقوم بأي سوء. احيانا، كانوا يضربونني بسبب خطأ بسيط. لذا بدأت بتناول الكحول". ويضيف "في احدى المرات تعاركت مع جندي اخر عندما كنت ثملا... قام رقيب بضربي على وجهي. بما اني كنت ثملا، بصقت في وجهه. عندها قام ثلاثة او اربعة جنود بضربي، تعرضت لاصابة في الرأس بسبب ضرباتهم". - التحضير النفسي للعائلة - قام سو ثت هتو بالهرب مرتين لملاقاة عائلته التي كان يعتقد افرادها انه توفي بعد انقطاع اخباره لشهرين. وفي كل مرة، كان يتم توقيفه وضربه ثم اعادته الى الجيش. غير ان عودته الى العائلة شكلت محنة اضافية لهذا الشاب اذ انه قوبل بمواقف سلبية من محيطه بسبب الادمان على الكحول واضطر لتغيير عمله مرات عدة قبل الدخول في نهاية المطاف الى دير للرهبان البوذيين لمساعدته في الاقلاع عن الإدمان. ويوضح ممثل منظمة "يونيسف" في بورما برتران باينفل لوكالة فرانس برس أن "مجتمعات عدة ترفض استقبال طفل ارتكب اعمال عنف واستخدم اسلحة ضد اشخاص اخرين". من هنا تكمن اهمية التحضير النفسي للاقارب ازاء عودة قريبهم اليافع اليهم بعد تركه الخدمة العسكرية. أما اليوم، فجل ما يريده سو ثت هتو هو "نسيان" هذه التجربة المريرة التي عاشها والتركيز على مهنته كميكانيكي للسيارات.