مع افتتاح الأسواق يوم الاثنين 12 من كانون الأول/ديسمبر ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 4% إلى أعلى مستوى منذ يوليو/تموز 2015 وذلك بعد الاتفاق الموقع بين منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك و مجموعة من الدول غير الأعضاء على رأسهم روسيا و المكسيك، حيث وصل سعر نفط خام برنت إلى 57.89$ و لامس سعر خام غرب تكساس مستوى 54.51$. وينص الاتفاق على أن تقوم الدول من خارج منظمة أوبك بخفض إنتاجها بمقدار 558 ألف برميل في اليوم، حيث تستأثر روسيا بحصة الأسد بمقدار 300 ألف برميل يوميا فيما تعهدت المكسيك، بروناي، كازاخستان، عمان و جنوب السودان بتخفيض ما مقداره 280 ألف برميل يوميا ومن جهتها تقوم المنظمة بتخفيض انتاجها بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم حيث تعهد السعودية و التي تعتبر أكبر منتج للنفط في العالم بتخفيض 480 ألف برميل يوميا من إنتاجها بداية من يناير/كانون الثاني المقبل. ويعد هذا الاتفاق هو الأول من نوعه منذ 2001، و قال محللون إن مجرد تنفيذ خفض مع بداية عام 2017 سيجعل أسواق النفط تنتقل من الفائض إلى العجز، فيما أعرب آخرون عن شكوكهم بشأن تأثير الاتفاقية على الأسعار على المدى البعيد. أسعار النفط إلى أين؟ ووفقاً للمحلل والخبير الاقتصادي أمين قسوم، نظريا و في الوقت الراهن تبدو الأمور جيدة بالنسبة لدول المنتجة للنفط حيث توصلت إلى عقد أرضية اتفاق من أجل خفض الإنتاج بما يعادل 2% من الاستهلاك العالمي اليومي من النفط الخام. حيث تمكنوا من تجاوز العقبات و الخلافات المحتدمة بين الدول و حتى العداوات السياسية كما هو الحال بالنسبة للعلاقة بين السعودية وإيران حيث بلغ الصراع بينهما على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط أشده في السنوات الأخيرة لدرجة الدخول في حروب بالوكالة خاصة في اليمن و سوريا. إضافة الى أن مجموع الدول المشاركة في الاتفاق سواء من أوبك أو من خارجها تقوم بإنتاج أكثر من 60% من الإنتاج العالمي من النفط الخام ما يوضح مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه هذه الدول في حالة الاتفاق. أين يمكن المشكل إذا؟ هناك عاملين رئيسيين يمكن أن يؤثرا على نجاح الاتفاق الموقع. الالتزام: من المعروف تاريخيا أن الكثير من أعضاء منظمة الأوبك لا يلتزمون بحصصهم المقررة فما بالك بدول من خارج المنظمة، إضافة ذلك ليس هناك آلية محددة لقياس مدى التزام الأعضاء أو إجبارهم على ذلك. و في هذا الإطار قال وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي تعليق على الاتفاق الموقع: للآسف نحن نميل للغش. طبعا المسؤولية الأكبر في هذا الاتفاق تقع على عاتق السعودية و روسيا باعتبار أنهما سوف يساهمان بأكثر من النصف من حجم الكمية المتفق عليها او ما يعادل 780 ألف برميل يوميا. النفط الصخري: العامل الثاني الذي يمكن أن يؤثر على نجاعة الاتفاق هو عودة النفط الصخري إلى السوق، فقد عدد الآبار الجديدة من هذا النوع ارتفاعات متتالية في سبعة أشهر الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية و مع اقتراب أسعار نفط من 60$ فإن وتيرة الارتفاعات سوف تزداد مما يعني المزيد من النفط في السوق. ومع رفع الحظر على تصدير النفط في الولايات المتحدة الأمريكية سيفتح الطريق أمام الفائض في الإنتاج نحو الأسواق الآسيوية. و يمكن أن يضيف أيضا عامل ربما أقل تأثيرا وهو قيام الدول المنتجة للنفط و الغير موقعة على الاتفاق مثل النرويج، كندا و البرازيل برفع إنتاجها للاستفادة من أي ارتفاعات محتملة. من المحتمل أن تشهد أسعار النفط بعض الارتفاعات بعد الاتفاق مع بدايات العام القادم و لكن ثبات هذه الأسعار يعتمد على مدى التزام الدول الموقعة و أيضا ردة فعل المنافسين.