×
محافظة المنطقة الشرقية

خدعوك فقالوا: فيتامين C يمنع نزلات البرد ويعالجها.. إليك الحقيقة

صورة الخبر

د. حسن مدن مثلما أن دونالد ترامب ليس الرجل الثري الوحيد الذي أصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وسيداً للبيت الأبيض، على نحو ما فصلنا هنا قبل فترة، فإنه أيضاً ليس الرئيس الأمريكي الأول أو الوحيد الذي يعمل وفق شعار وسياسة أمريكا أولاً. ما من رئيس أمريكي سابق له إلا وكان يعمل وفق شعار أمريكا أولاً، حتى لو لم يدغدغ مشاعر الجمهور بهاتين الكلمتين على نحو ما فعل ويفعل، وبمهارة، ترامب. الرئيس الأمريكي، أي رئيس، ليس صناعة الناخبين وحدهم، وإنما هو في الأساس صناعة دوائر ومراكز قرار ومواقع قوى، وكل هذه تعمل وفق قاعدة أمريكا أولاً. ولا يشذ ترامب عن هذه القاعدة، فهو لم يفز بعدد الأصوات، حيث تغلبت عليه في هذا منافسته هيلاري كلينتون، وإنما فاز بالنقاط، ما يعني أنه، هو الآخر وعلى خلاف ما يبدو ظاهراً، صناعة دوائر ومراكز قرار ومواقع قوى ترى أن أسلوب تحقيق هدف أمريكا أولاً يمر، اليوم، عبر الطريق الذي بشر به ترامب ويسعى للسير عليه وقد أصبح سيد البيت الأبيض. لم يأتِ إلى البيت الأبيض رئيس يعمل على الضد من مصالح أمريكا، فهذا أمر غير مسموح به، لكن مصالح أمريكا ليست مفهوماً جامداً، فهذه المصالح تتبدل وفق متغيرات الوضع الدولي، وهو وضع، وإن استقر على حال لفترة قد تمتد عقوداً، فهذه الفترة ليست أبدية، حين تنشأ وقائع جديدة تفرض تبدل الأحوال. ترامب يأتي في ظرف متحول. ومثل أسلافه يفعل بقاعدة أمريكا أولاً، ولكن أمريكا لم تعد الوحيدة الآمرة الناهية في عالم اليوم كما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة. ولا يدور الحديث هنا عن قوتها العسكرية الضاربة التي تظل الأكبر والأخطر في العالم كله، وإنما عن عوامل ضعف أخرى طالت أداءها على المستوى العالمي، خاصة على الجبهة الاقتصادية، حيث تبرز منافسة قوية لها مثالها الأبرز هو الصين الصاعدة كالصاروخ. يرى ترامب ومن يقف معه ذلك بأسى، لكنهم، كما أسلافه القريبون، لا يريدون التسليم بأن مستجدات الوضع الدولي تقتضي إعادة النظر في فكرة أمريكا أولاً وأمريكا آخراً، لا بالتطرف فيها عبر ابتزاز الحلفاء بالتهديد برفع اليد عنهم إن لم يدفعوا لأمريكا ما تعتبره كلفة حمايتهم، ويبدو الحلفاء الأوروبيون أول المستهدفين بهذا الابتزاز. لم تحمِ أمريكا أحداً في العالم محبة فيه، وإنما حرصاً على مصالحها. الحلفاء المحميون كانوا ضرورة لأمن أمريكا ذاتها، وابتزازهم بالدفع لن يعيد أمريكا العظيمة، لأن مياهاً كثيرة جرت وتجري تحت جسور السياسة بسببها ظهر عظماء آخرون يصعب قهرهم. madanbahrain@gmail.com