×
محافظة المنطقة الشرقية

مصدر يوضِّح لـ«تواصل» حقيقة مقطع غرق أسطوانات غاز في تجمعات المياه بأبها (فيديو)

صورة الخبر

لاتزال السياسة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب تجاه الصراع العربي الإسرائيلي الذي بات الإعلام يسميه نزاعاً فلسطينياً إسرائيلياً، تثير كثيراً من الجدل على أكثر من صعيد. ولم يكد يخفت الحديث عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، حتى صدرت عن واشنطن مواقف تنعى ما يسمى «حل الدولتين» الذي شكّل حجر الزاوية في الخطاب السياسي الأميركي منذ مطلع التسعينيات. من الناحية الجوهرية وبقراءة متأنية، لا يبدو الموقف الأميركي جديداً، إذ إن البيت الأبيض يربط الحل السياسي بمواقفة الطرفين ويؤكد «عدم إملاء» أي حلول أو مواقف على الأطراف. هذا التعبير ذاته «عدم الإملاء» استخدمته حكومات سابقة، لذلك حتى «حل الدولتين» كان مشروطاً بموافقة الطرفين، وبما أن موازين القوى تميل لصالح إسرائيل، حتى الآن، فإنها هي المؤهّلة لتوجيه دفّة المضمون السياسي لهذا المفهوم - الاقتراح. على أي حال، لا ينبغي تجاهل مسألة التوقيت في إعلان البيت الأبيض، والذي جاء عشيّة لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو الموجود في واشنطن. في الماضي سبق أيضاً أن صدرت مواقف أميركية مثيرة للجدل عشية زيارات مسؤولين إسرائيليين للولايات المتحدة. جدل فلسطيني قديم من مفارقات تاريخ هذا الصراع في المنطقة، أن جدل «الدولتين» شغل الساحة الفلسطينية مطلع السبعينيات، وكان عنوانه في ذلك الوقت «الدولة الفلسطينية المستقلة» من دون الإشارة الواضحة إلى «دولة» أخرى، تلك الفكرة التي انقسمت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بشأنها. بعض الفصائل لاتزال تتبنى موقفاً يدعو إلى تحرير فلسطين التاريخية لتكون دولة يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود بلا تمييز. هذا الموقف بظاهره وجوهره رفض لحل الدولتين حتى بالصيغة التي نص عليها قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947. لكن ما هو مؤكد أن الدوافع الأميركية خلف نعي حل الدولتين، إن تحوّل هذا إلى موقف رسمي دائم، مناقض تماماً لموقف الرافضين الفلسطينيين له، فواشنطن تنطلق من تناغم مع مواقف إسرائيل التي ترفض إقامة دولة فلسطينية، في حين أن الفلسطينيين الرافضين ينطلقون من عدم اعترافهم بأي حق لليهود بإقامة دولة في فلسطين، إنما يحق لليهود الأصليين أن يعيشوا كمواطنين في الدولة الواحدة وهي فلسطين، وهذا ما أثاره القيادي الفلسطيني صائب عريقات في رده على الموقف الأميركي الجديد. تنكر للشرعية الدولية وبمعزل عن الجدل الفلسطيني بين أصحاب الحق الفلسطينيين بشأن أي موقف دولي أو صادر عن هيئة دولية، فإن الموقف الأميركي الرسمي يتخذ منحنى انحدارياً مبتعداً عن المواقف المعتمدة من الحكومات الأميركية المتعاقبة، ناهيكم عن مواقف الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية. وإذا وضعنا الموقف الأميركي الأخير المتنصّل من فكرة «حل الدولتين»، فإنه يعني تماماً وبمنتهى الوضوح أن واشنطن تشطب من جانب واحد قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة. والذي صوتت إلى جانبه الولايات المتحدة في حينه، ويتنكّر كذلك لمجمل السياسة الأميركية التقليدية ويقضي على بقايا أهلية واشنطن للعب دور الوسيط في النزاع، بعدما أصبحت قريبة جداً من موقف الطرف الإسرائيلي. وإذا كان إسقاط حل الدولتين لصالح إسرائيل حالياً، فإنه ربما يصبح لصالح الفلسطينيين وحقهم التاريخي، في المستقبل. من مفارقات هذا الموضوع أن هناك جماعة يهودية تسمى «ناطوري كارتا» يعيش معظم أفرادها في الولايات المتحدة الأميركية وترفض الاعتراف بحق اليهود بإقامة دولة في فلسطين أو أي مكان آخر. وهم يتبنون هذا الموقف لدوافع دينية، إذ يعتبرون أن إقامة دولة لليهود «إغضاب للرب» الذي حكم عليهم بالشتات.