×
محافظة المنطقة الشرقية

«ثقافة بلا حدود» تنظم «قراءة ورياضة»

صورة الخبر

لم تكن تجرؤ مخيلتها المقيدة على السفر بعيداً، خاصة لتلك الأراضي الموجودة في أقصى أمنياتها. تلك الأماني المحبوسة في قلبها أعواماً وأعواماً. الحياة حبلى بالمفاجآت لا شيء مستحيل، هكذا تمتمت فاطمة بشفاهها المتشققة لتنهيها بابتسامة ساخرة، تحللت للتو من ذاك المستحيل، وبدأت فاطمة تمتطي الأحلام، وتنتهك واقعاً بلا تحفظ. غطاء الرأس الأسود الذي احتل خصلات شعرها سنوات، ليبعثره كيفما شاء وليحجب حقيقة ما. أعلن استسلامه. وتنازل في لحظتها عن موقعه. ليحط رحاله على كتفيها تدلت ضفائر من سقفها لتتوج الحدث. الرعشة الخفيفة أطاحت بجسدها أيضاً، ليستقر مرفأةً في خشوع وسكينة. فمنذ سماع خبر تعيينها في تلك القرية البعيدة، وفاطمة لم تعد فاطمة. تبدلت أحلامها فجأة وتغير حالها، إذا ألبسها الحال رداءً جديداً يليق بعالمها القادم. ذاك العالم. الذي انتصب أمام ناظريها عنوةً برغم المسافات البعيدة. وذلك الحلم. الذي كان يهتف لها ويدعوها للحاق به دون أدنى تفكير أوعي. فاطمة فاطمة.. تلك المناداة لم تستطع أن تيقظها من حُلمها، ذاك الذي كان يجذبها إليه بقوة، وهي جاثمة على كرسيها الخشبي، متسمرة عينيها في الجدار ذي اللون الرمادي. هي ظمأى بالتوق العظيم، تزحف إليه بصعوبة بالغة لترتوي من شراب عينيه، حين عكست دموعها كل الضوء المتسلل إلى غرفتها المعتمة. ليكشف لها عن وجه الذي أوشك على الاحتضار. لم تصحُ فاطمة إلا على صفعة قوية من كف أمها لتداري ذلك الخوف الذي كان يرجف بقلبها. صحت فاطمة، وهي تتحسس موضع الألم، وتسأل بصوت يعلوه الحزن. ما الذي حصل؟ وأين أنا؟! اقتربت منها أمها وبكت، ثم شرعت في عناقها. وقالت: بصوت مبحوح متدحرج يختنق. لم يحصل شيء يا فاطمة.