×
محافظة المنطقة الشرقية

صندوق النقد العربي يناقش آليات عمل «الرقابة المصرفية»

صورة الخبر

لا تقتصر روعة الاعتذار عن الاستعمار الواردة على لسان المرشح الفرنسي للرئاسة إيمانويل ماكرون على فضيلة الاعتراف بالحق، وإنما تتجاوز ذلك لتوجيه رسالة قوية وساطعة لمن لا يزالون يروجون لقيم الاستعمار وفضائل الاستعمار وحتمية الاستعمار لبلادنا العربية والإسلامية! لقد كان الرجل صريحاً وحاداً وقاطعاً في اعتذاره للشعب الجزائري عن فترة الاستعمار التي اعتبرها بربرية وهمجية ويمكن تصنيفها اليوم بوصفها جرائم ضد الإنسانية! وعندما وردت سيرة الإسلام والمسلمين قال إنه دين جميل ومتسامح ومن الظلم وصم المسلمين بالإرهاب! في هذه الأثناء كانت «كتلة الإنصاف» في موريتانيا تمضي في طريقها نحو انتزاع اعتذار مماثل من الحكومة الفرنسية عن سنوات الاستعمار بل وصرف تعويضات عن هذه الحقبة التي شهدت جرائم متعددة ارتكبها الجيش الفرنسي ضد المدنيين الموريتانيين في هذا الوقت! سيقولون لك إن ماكرون تعمد المكر وهو يردد هذه الشعارات سعياً لكسب أصوات المسلمين الفرنسيين.. سيقولون لك إنه يدافع عن سماحة الإسلام لكسب ود المسلمين.. قل لهم: «ولو».. وماذا عن الذين يهاجمون الإسلام والمسلمين في بلادنا باعتبار ذلك جالباً للأصوات؟ زرت الجزائر مرات عديدة، وكان الحديث المشتعل بل مايزال عن جماعة «الحركيين».. والحركيون « Harkisبالفرنسية هم أؤلئك الجزائريون الذين دعموا المستعمر الفرنسي وروَّجوا له.. إما بالاشتراك في جرائم الحرب، وإما بتسهيلات أخرى.. منهم من تخلى عن المستعمر بعد الاستقلال ومنهم من بقي على حاله، وفي ذلك انقسم رأي الشارع عن الاتهام بالخيانة من عدمه وعن العفو من عدمه! وزرت موريتانيا أيضاً، وكان الحديث منصباً حول ما إذا كانت تحركات كتلة الإنصاف تفيد أو تضر؟ وهل لها من جدوى أم لا؟! والحق أنني رأيت بقايا قسوة الاستعمار الفرنسي في الجزائر أقوى منها في موريتانيا، ففي الأولى كان محو اللغة وطمسها تماماً، فيما ظل أبناء الثانية يواصلون حفظ القرآن وعلوم اللغة فوق أفرع الشجر! وأعود للحركيين، فأقول إنهم موجودون في كل مكان يروجون للاستعمار الجديد على طريقته وطريقتهم.. موجودون وفاعلون ومؤثرون وقانعون بأن «الإسلام» هو الإرهاب، والمسلمين هم الإرهابيون! المدهش أن مرشحي الرئاسة في الدول الغربية، يرفعون شعارات التسامح مع الاسلام والمسلمين لكسب الأصوات.. والمؤسف أن بعض المرشحين في الدول الإسلامية يبالغون في الإساءة للإسلام والمسلمين لكسب الأصوات! المدهش أن الغرب يعترف بالهمجية والبربرية في التعامل مع الأمم الإسلامية، والمؤسف أن في أمتنا من يقتنع بأن الإسلام دين حرب لا سلام وأن المسلمين إرهابيون بالفطرة! المؤسف أن خطاب بعضنا للغرب في خطب الود لابد أن ينص أو يوحي بمشكلتنا مع الإسلام وليس مع الإرهاب فقط، والمدهش أنهم في الغرب يرسلون رسائل اعتذار وحب وتسامح! أما المحزن بل والمريب أن يتحرك الحركيون الجدد ليل نهار فيبالغوا كثيراً في الإلحاح على أن كل ما يرِد من الغرب هو خير وكل ما يخرج من الشرق هو شر..ولأن شر البلية ما يضحك، فإن تصريحات ماكرون لايُحتفى بها بنفس حفاوة التصريحات الخاصة بطرد المسلمين، بل إنها تُستهجن كثيراً في عواصم عربية وكأن الحركيين الجدد يقولون «إن ما نصنعه ونسهر عليه، يبدده أمثال ماكرون في دقائق» لقد شاءت إرادة الله أو سمِّها ما شئت أن تتزامن تصريحات ماكرون مع الهجمة العالمية على الإسلام والمسلمين، فلا المؤسسات الإسلامية تحركت ضد أي هجمة ولا اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا عبَّر عن غضبه أو حتى أسفه، لكنه الإسلام الجميل الذي يدافع عن نفسه ويجبر أو يقنع «ماكرون» وغيره من الاستمرار في الاعتراف النبيل!