على بعد أمتار من متحف قلعة البحرين تلك القلعة التي كانت أول موقع في مملكة البحرين يسجل على قائمة التراث العالمي لليونسكو، اختارت هيئة البحرين للثقافة والآثار هذا الموقع لتحتفي فيه باليوبيل الفضي لمهرجان التراث الذي يقام برعاية كريمة وسامية من حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، حيث أنشأت الهيئة في أقل من 25 يوما موقعا متميزا من ناحية الشكل والمحتوى. وأظهرت التقديرات الأولية أن عدد زوار المهرجان منذ افتتاحه يوم الأربعاء الماضي بلغ أكثر من 10 آلاف زائر من المواطنين والمقيمين من مختلف أنحاء المملكة وكذلك الزوار، لكي يستمتعوا بالأجواء المميزة لهذا المهرجان، والذين أكدوا أن الهيئة قدمت جرعة ثقافية تراثية أثرية متميزة بنكهة الترفيه. وأكدت الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة مديرة إدارة الثقافة بهيئة البحرين للثقافة والآثار أن العام الحالي بالنسبة إلى هيئة الثقافة هو عام «آثارنا إن حكت»، وتماشيا مع ذلك الشعار اختارت الهيئة أن يكون مهرجان التراث عند أهم المواقع الأثرية، وهو موقع قلعة البحرين، ذلك الموقع المسجل على لائحة التراث العالمي لليونسكو، مشيرة إلى أنه من الجميل أن يتعرف المواطن على المواقع الأثرية في بلاده ويتوجه إليها في فعاليات ومناسبات مختلفة. وأضافت أن الهيئة تحرص دائما على التجديد تشجيعا للجمهور المتلقي، من خلال تنوع الخيام المشاركة في مهرجان التراث، لافتا إلى أن عنوان المهرجان هذا العام هو «عيون إن روت» من أجل تسليط الضوء على العيون الطبيعية في مملكة البحرين وأهميتها للمملكة، باعتبارها من الأمور التي لا يعرف كثيرون عنها شيئا، لذا فإنه من المهم أن نسلط الضوء على ما تتميز به البحرين من عيون، والتي مع الأسف هناك جزء منها نضب، ونحن نتطلع إلى أن يكون المهرجان رسالة للمحافظة على بقية العيون الطبيعية والموارد. وأعربت مديرة إدارة الثقافة بهيئة البحرين للثقافة والآثار عن سعادتها بحجم الإقبال المتزايد من المواطنين والمقيمين والعائلات من مختلف الأعمار، إذ إن الفعاليات التي يتم تقديمها في المهرجان متنوعة. وكشفت الشيخة هلا عن أنه بعد إقامة فعاليات صيف البحرين في سترة، ثم انتقلت العام الماضي إلى جوار متحف البحرين الوطني، فإن الهيئة سوف تقيم فعاليات صيف البحرين 2017 في موقع متحف قلعة البحرين. وفي المدخل الرئيسي لخيام المهرجان تم وضع عمل فني يظهر قيمة العيون الطبيعية في البحرين. ويقول المهندس أحمد إمام مهندس المشروع إن هذا العمل يحوي عينا ينبع منها الماء وتروي قنوات المياه تسمى «المنجور»، حيث تلف المياه وبها 15 صحنا بعدد 8 عيون مسجلة في التراث الوطني البحريني، بالإضافة إلى 7 أخرى من أكبر العيون في المملكة. ويضيف: إن هذا المشروع الذي أنشئ على مساحة 7500 متر مربع بدأ على أرض خالية تماما، وأنجز خلال 25 يوما تقريبا، حيث تم توصيل المياه والصرف والكهرباء، وتم تشجير الطريق العام بنحو 90 نخلة، بالإضافة إلى تصميم الخيام بشكل دائري لتعبر عن العيون الطبيعية، والممرات بينها تشير إلى قنوات المياه. وأشار المهندس أحمد إمام إلى أن التصميم روعي فيه أن تكون قلعة البحرين واضحة من خلاله للزائر في كل موقع بالمهرجان، وتم تصميم الإضاءة لتكون باللون البرتقالي باعتباره اللون المميز لهذا العام، إلى جانب اللون الأزرق تعبيرا عن لون المياه والبحر، مشددا على أنه تم مراعاة ذوي الإعاقة في تصميمات خيام المعرض والممرات المؤدية إليها. وأوضح المهندس أحمد إمام أن هناك نحو 60 شخصا يعملون على توفير الخدمات بالمهرجان، من بينهم 25 شابا متطوعا في المهرجان بالإضافة إلى 25 متطوعا للأمن وهناك 22 عاملا للنظافة، إلى جانب المنظمين الموجودين بشكل يومي لمساعدة الجمهور. وقالت إحدى المشرفات من هيئة البحرين للثقافة والآثار إنه تم اختيار مجموعة من الحرف المرتبطة بالعيون الطبيعية لتتماشى مع عنوان المهرجان هذا العام، وأيضا لم يتم إهمال بقية الحرف الأخرى كصناعة السلال والنقدة وصناعة السفن وغيرها، حيث تم وضعها في خيمة خاصة في المهرجان، فيما زينت الخيام بعبارات تعبر عن أهمية العيون الطبيعية في البحرين. وأضافت أنه تم تخصيص خيمة للمعرض الفني الذي يضم أعمال 16 فنانًا بحرينيًّا ترتبط بالعيون الطبيعية في البحرين، بالإضافة إلى خيمة ينابيع أبدية التي تقدم متحفا عن تاريخ هذه العيون، بالإضافة إلى عرض مصور عنها. وأشارت إلى أن الفن الشعبي البحريني الأصيل موجود بقوة في المهرجان من خلال تقديم عروض يومية لفرق البحرين الشعبية المختلفة، لافتة إلى أن هناك ركنا شعبيا يعرض الأطعمة الشعبية، بالإضافة إلى مقهى بوخلف، وفي خيمة السوق الشعبي هناك إكسسوارات تراثية للمنازل. وفي ركن الأطفال أكدت صفا الكعبي من هيئة البحرين للثقافة والآثار أنه تم التركيز على الطفل من أجل تنمية معارفه الثقافية والتعليمية، وذلك من خلال الورش التعليمية والفنية، منها رسم العيون، بالإضافة إلى عروض يومية للدمى بعنوان «رحلة العيون» وحزاوي من التراث، بالإضافة إلى ورش العمل اليومية «عيون البحرين» التي تعلّم الفتيات كيفية استخدام الأحجار الملونة الصغيرة لصناعة قلائد جميلة، و«سمك الساب» التي يصنع خلالها الأطفال تذكارات فنية للأسماك التي كانت تعيش في العيون الطبيعية، وورشة عمل «عين عذاري» التي ستمكن الصغار من تشكيل لوحات فنية تتمحور حول حكايات وأساطير العين المشهورة. وقد أقيمت أمس ورشة عمل نهاية الأسبوع المميزة بمشاركة مجموعات كبيرة من الأطفال، تعرفوا من خلالها على فن تزيين الكعك والبسكويت. من جانبها، قالت ناريس قمبر صاحبة مطعم «زعفران» المشاركة في المهرجان إن هيئة البحرين للثقافة والآثار تتبارى سنويا في تقديم المهرجان بشكل أفضل من العام الذي سبقه، وهو ما يدفعنا إلى التطور، لافتة إلى أن المهرجان يحوي تقديم الأطعمة التراثية البحرينية، ونحن نقدم الطعام البحريني الأصيل مع لمسة حديثة. وأكدت أن هذا المهرجان مهم للبحرين؛ لأنه يقدم الثقافة مع الترفيه في آن واحد، من خلال ما يطرحه من حرف قديمة وأطعمة تراثية، وهو أيضا يوفر الفرصة للبحرينيين الذين يعملون في هذه الحرف لتقديم منتجاتهم، معبرة عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان الذي اختار هذا العام موقعا مهما ليربط الناس بتراثهم، ونحن نرى عديدا من زوار المهرجان يتوجهون إلى قلعة البحرين لمشاهدة إرثهم التاريخي. وأشادت قمبر بتصميم خيام مهرجان التراث التي تم وضعها بصورة حديثة تجتذب الشباب لمشاهدة تراثهم وتاريخهم، موجهة الشكر إلى الشيخة مي وهيئة الثقافة على جهودها لإبراز مكانة البحرين. وخلال جولة «أخبار الخليج» في خيام المهرجان، التقينا درويش المناعي عضو مجلس الشورى الذي اصطحب أحفاده إلى المهرجان، حيث أكد أهمية مهرجان التراث في إبراز التراث البحريني الأصيل في مختلف النوحي على مستوى الأطعمة والحرف والفن، مشيدا بجهود هيئة الثقافة في تنظيم المهرجان بهذه الصورة الرائعة التي تستقطب العوائل البحرينية من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى الضيوف الزائرين من كل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأشار إلى أن اختيار الموقع متميز؛ لأنه يوفر فرصة للأجيال الجديدة للتعرف على قلعة البحرين وتاريخها، كما أن اختيار عنوان المهرجان «عيون إن روت» هو من الأمور المهمة لكي ندرك أهمية العيون الطبيعية للبحرين، وكيف أننا أصبحنا نحلي مياه البحر، وهذا يضع علينا مسؤولية للمحافظة على ما تبقى من العيون. يُذكر أن مهرجان التراث الخامس والعشرين يستمر حتى الخامس عشر من أبريل الجاري.