×
محافظة الرياض

اجتماعي / مراكز ودور عمل وتنمية الرياض تنفذ جملة من البرامج خلال الإجازة

صورة الخبر

على الرغم من مضي ما يقرب من عقد من الزمن منذ اندلاع الأزمة المالية عام 2008 لا تزال سياسات المواجهة التي نشأت في أعقابها منتشرة كالنار في الهشيم بالدول الغربية. لكن على الرغم من أوجه التشابه بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كانت الفوارق في الكيفية التي يتعامل بها كل من الجانبين مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والمالية شديدة الوضوح مؤخرا. منذ الفوز الانتخابي المفاجئ الذي حققه الرئيس دونالد ترمب، بدت الولايات المتحدة وكأنها تتنافس مع الاتحاد الأوروبي حول أيهما أقدر على انتهاج السياسات الأكثر إثارة للنزاع والأشد اختلالا. وفي كل من الحالتين كان بوسع العديد من القوى المحتملة تخريب العملية السياسية. والآن يدرك ترمب هذه الحقيقة في مواجهاته مع الكونجرس، والمحاكم، وحكومات الولايات. وفي أوروبا تتصادم القوى السياسية المحلية مع المحاكم الدستورية والهيئات الوطنية، وفي كل مرة تُعقَد انتخابات وطنية أو حتى إقليمية في واحدة من دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين، يتمكن الشلل من الأوروبيين بسبب الخوف من نتائج وخيمة. إن المشكلة الأساسية في المشهد الأميركي والأوروبي ليست الأخبار الزائفة أو الحقائق البديلة، وإن كانت المعلومات المضللة تجتاح أغلب المناقشات الدائرة على ضفتي الأطلسي، إلا أن السياسة أصبحت ذاتها مختلة وظيفيا. كانت المناقشات الأوروبية والأميركية عامرة باستعراض المواقف واختبارات الإرادة، الأمر الذي أدى إلى تحول السياسة إلى شيء أشبه بمباراة اختبار قوة الأعصاب. في أوروبا هددت دول بالخروج من منطقة اليورو ما لم يتعهد البنك المركزي الأوروبي أو حكومات أوروبية أخرى بضمان ديونها غير المستدامة؛ وهدد صناع السياسات في أوروبا بقطع الدعم المقدم لبعض الدول ما لم تنفذ الإصلاحات الضرورية. وقد تصرفت إدارة ترمب على نحو مماثل في الفترة التي سبقت انحدار محاولاتها لإلغاء قانون الرعاية الميسرة «أوباما كير». فقد مارست الإدارة الضغوط على الكونجرس باستخدام تكتيكات تكاد تتطابق تماما مع تلك التي توظفها الأطراف المتحاربة في أزمة الديون في أوروبا. عند بداية أزمة منطقة اليورو عام 2010 كان الاتحاد الأوروبي أيضا قلقا بشأن تنوعه، وكيفية إصلاح الخلافات بين الشمال والجنوب، أو القلب والمحيط. ولكن مع استمرار الجهود الرامية إلى إلغاء «أوباما كير» رفض ترمب أي بدائل: فأصبحت «مناقشة» الرعاية الصحية تدور ضمن إطار الاختيار الثنائي بين تمرير مشروع قانون البروتين الذي لم يُرض أحدا والإبقاء على الوضع الراهن. وفي عرض «الخطة البديلة» كان نهج ترمب أشبه بالنهج المتشدد الذي تبنته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في التعامل مع أزمة منطقة اليورو، والذي لم يسمح بأي بديل للموقف الألماني. كانت نزاعات أوروبا تُحَل دوما من خلال حل توفيقي على نحو أو آخر. وحتى على الرغم من سخرية المنتقدين من عملية التفاوض الداخلية في الاتحاد الأوروبي باعتبارها مضجرة وبالغة الطول، فقد أدت بلا أدنى شك إلى نتائج إيجابية. وقد أثبتت الإصلاحات التي ساعدت في تحسين عملية تنسيق سياسات الطاقة أو إنشاء الاتحاد المصرفي، أنها أقوى كثيرا مما بدت عليه في مستهل الأمر. إذ تعتمد التعددية على النمط الأوروبي على التعديل الدائم للترتيبات القائمة، مما يجعلها متناقضة تماما مع أحادية ترمب. من جانبها، توصلت أوروبا إلى هذا الإدراك في خمسينات القرن العشرين، عندما اكتشفت أن التكامل يتطلب سلسلة من المساومات والصفقات للحفاظ على مناطق واسعة من استقلال عملية صنع السياسات الوطنية. ولكن على النقيض من ترمب يستطيع قادة أوروبا اليوم أن يقدموا ضمانات واقعية، وهذا على وجه التحديد لأنهم يفهمون أن المقايضات ضرورية وحتمية. في عام 2017 ربما تتعلم أوروبا درسين آخرين أكثر أهمية. فأولا خروج إحدى الدول الأعضاء من الاتحاد الأوروبي ليس مناورة مدمرة في مباراة اختبار قوة الأعصاب، إذا أفضى رحيل هذه الدولة إلى إزالة نقاط التوتر والحفاظ على أسس المساومة في المستقبل. وثانيا تعد إدارة ترمب المختلة وظيفيا نموذجا لكل ما ينبغي اجتنابه في الحكم، وقد يعاقب الناخبون أولئك من أمثال زعيمة الجبهة الوطنية في فرنسا مارين لوبان، الذين يصرون على محاكاة هذا النموذج. شبكة بروجيكت سينديكيت