• عاصرتُ ثلاث شخصيَّات في حياتي العمليَّة والعامَّة، كان لهم الأثر البالغ في مسيرتي الحياتيَّة، كُنتُ أتوقُ دائمًا للقياهم كلَّما سنحت الفرصة، كانوا عظامًا في «مواقفهم»، و«تواضعهم»، وحبّهم لأعمال الخير.• كان الشيخ أحمد جمجوم يرأس مجلس إدارة مؤسَّسة المدينة التي أعمل بها، وقد أدارها بحنكةِ الإداريِّ الناجح، وأوصلها من اللاشيء إلى ما هي عليه الآن معلمًا بارزًا شامخًا.. تعايشنا معه في العمل، وتعلَّمنا منه «فن الإدارة» والحزم في القيادة والأداء.. رجلٌ من أصحاب النفوس العظيمة.. كريمٌ في خلقه، حليمٌ في تعامله.. كان يقول لي: أنا والشيخ عبدالله نصيف من كبار الشحَّاذين في البلد، يقصد في إنهاء وقضاء حوائج الناس.• د. محمد عبده يماني، عالمُ الدِّين والدُّنيا.. صاحب النَّفس التوَّاقة لفعل الخير.. كان مثلاً لعون المحتاجين.. شرع أبواب منزله، بعد أن ترجّل عن كرسيِّ الوزارة، فاقترب من الناس فأحبُّوه، وسعى بوجاهته لدى ولاة الأمر لإنهاء احتياجات ومطالب مَن طرقوا بابه من الضعفاء.. والمساكين.. والأرامل في الداخل والخارج.. وأعماله ومواقفه لا تُنسى.• دكتور غازي عبيد مدني، رأس -في فترة حرجة- مجلس إدارة مؤسَّسة المدينة للصحافة، كانت تموجُ بها الرِّياح، والأعاصير، واستطاع ببصيرته الثاقبة.. وحنكته الإداريَّة، وقيادته الحكيمة، أن يرسو بها إلى برِّ الأمان.. لا يقبل «الظلم»، ولا «الدسائس».. أخلاقه أخلاق العظماء.. يترفَّع عن «النقائص».. صاحب نهج تربويٍّ فريد.. أحبَّ أبناءه في العمل، فاقترب منهم، وكان موجِّهًا لهم.. أبًا لهم.. ولا غرابة فهو المربِّي، والقائد لجامعة المؤسِّس، فقد حقَّق في فترة إدارته للجامعة قفزات عالية في التصنيفات العالميَّة، واعترافات أكاديميَّة دوليَّة لعدد من كليَّاتها.• كُنتُ على موعدٍ معه بدعوةٍ لطيفة منه كعادته.. لكنَّها تأجَّلت.نلتقي بين الحين والآخر، كلَّما سنحت الفرصة في منزله العامر.. فقد كان كريمًا مع زائريه، كما هي أخلاق ومكارم الكبار.. مثقفًا وعالمًا في تخصُّصه الإداريِّ، مهمومًا بـ«العلم والتَّعلم»، مشغولاً بـ«الشأن العام»، وقضايا الشباب ومستقبلهم.• كان يأسرنا بأخلاقه وأدبه، ورسائله الذكيَّة خلال اجتماعاتنا الدوريَّة معه.. أسرة التحرير في الجريدة.. يصطحب معه أعدادًا من الصحيفة، وعليها ملاحظات قد سجَّلها سابقًا وهو يقول: هذه ملاحظاتي على ما نُشر (كقارئ) محبٍّ للصحيفة، فإن رأيتم فيها ما يُفيد، فشكرًا لكم، أو تناسوا الموضوع.!وهو القادر بحكم موقعه ومسؤوليَّته كرجل أوَّل في المؤسَّسة أن يوجِّه، ويأمر، ما يراه مناسبًا للعمل، ومصلحته دون نقاش.. لكنَّه أدب الكبار.. وأخلاق العظام.رحمهم الله جميعًا، وأسبغ عليهم شآبيب مغفرته ورضوانه.