النسخة: الورقية - سعودي النقل أو التنقل عبر الرسائل الحديثة بات نمطاً ثابتاً في حياتنا اليومية ومن ضروريات عالمنا المعاصر، إذ تعتمد عليه الأمم قاطبة، كلٌّ بحسب ما يتاح له منها. وهناك طائفة من الناس امتهنت أشق الطرق لكسب رزقها ورزق من تعول، فاختارت الجلوس على مقعد المشقات، سيارة الأجرة، والتلفت يمنة ويسرة، بحثاً عن سبيل من الرزق الجافّ. وما ألذَّ لقمة العيش الشاق! ما يجرني الحديث إليه وعنه هو سيارة الأجرة الخاصة Taxi، فهذا الهيكل من الجماد والسائل هو في حقيقته إنسان، سيَّرته ظروفه على عجلات أربع، أقعدته الحاجة خلف مقعد، يبحث عن قوت لأكْبُدٍ رطبة تعودت انتظار حقها ساعات وربما أياماً لتبقى في ثوب الحياة لحظات قليلة، لتعود ثانية وثالثة ورابعة إليها فرضية الانتظار التي باتت من نمط حياتهم. وقد يكون عصب الحياة كلها لدى بعضنا، أو مصدراً للقمة العيش لأسر مُعدَمة من ضروريات هي عند بعضنا من توافه الحاجات. لذا من المهم الحفاظ على كدِّ هؤلاء المحتاجين، صوناً لكرامتهم، ليعيشوا بشراً وضعتهم أقدار الله في قوارب الابتلاء. فلنساعدهم، ولنمنحهم الحماية، بدلاً من تكسير مجاديفهم. فلولا الفقير ما عاش الغني، وأفضل عطاء نمنحه لكل محتاج ألا نبخسه أشياء له مع قلتها. في هذه المقالة سينحصر الحديث عن جملة من وجهات النظر في ما يتعلق بسيارة الأجرة الخاصة، من حيث حفظ حقوق مالكها الفقير المحتاج، والجوانب الإيجابية من تطبيق بعض القوانين على الراكب، وأسعار التنقل. ثم أختم هذه المقالة بطرح اقتراح جديد لتنظيم عمل سيارات الأجرة. وكل ما أذكره هنا لا يعدو كونه وجهة نظر تحتاج إلى إعادة نظر ودرس ثم تطبيق. قد لا نضطر إلى ممارسة مهنة ما، لذا قد لا نحس بمعاناة من يمارسها، سوى بعض ما تلتقطه ذاكرتنا من قصص وروايات متداولة عن أصحابها. فبين أيدينا إجراء سهل جداً، يحفظ حقوق سائقي الأجرة، بأن يوضع جهاز شبيه إلى حد كبير بالشبكات المصرفية التي تستخدمها المحال التجارية للدفع أو السداد. يسجل بيانات هوية الراكب الوطنية ذكراً كان أم أنثى أو الإقامة لغير السعوديين، كما يحدد به الجهة المقصودة. وتُربط هذه الأجهزة بجهات أمنية، لمراقبة أدائها. ولعلنا نلتمس من وراء هذا التوجه فوائد كثيرة، منها تضييق الخناق على مخالفي الإقامة أو المتسللين وكذلك لا ننسى الصداع الأكبر المطلوبين أمنياً من إرهابيين أو مروجي المخدرات. أما عن أسعار الأجرة فحبذا لو حُدِّدت، بدلاً من الأخذ والرد والاختلاف حول القيمة بين صاحب حق (سائق الأجرة) وصاحب حاجة (الراكب)، وربما لا تكون هناك قيمة أصلاً، ولا يفعلها عادة إلا من خلت نفسه من رصيد الإنسانية. فأرى أن يكون احتساب الأجرة مقنناً بحيث يُحتسب ريال واحد لكل كيلومتر واحد، ويُجبر المبلغ لمصلحة سائق الأجرة. لنضرب مثالاً: أحد الركاب وصل إلى موقعه المتفق عليه، وقراءة العداد تفيد بأن المسافة هي 17.600 كيلومتر، فيدفع الزبون 18 ريالاً. لفتة أخيرة، أتمنى أن تسهم في حل جزء من الازدحام غير المبرر في المدن الكبيرة كالرياض وجدة وغيرهما. فسيارات الأجرة تلف الشوارع بحثاً عن زبون ربما لا يظهر إلا بعد ساعة أو أكثر، وقد لا يظهر. وأحسن من هذا كله أن تنشئ الجهة المسؤولة عن سيارات الأجرة نقاط تجمع في كل حي، لسائقي الأجرة، بحيث يتصل الزبون على الرقم الموحد لتحديد الحي وموقعه داخل الحي، ومن ثم تحويله إلى أقرب نقطة تجمع، هذا بعد أن يشترك العميل في هذه الخدمة مجاناً. فتتحرك سيارة الأجرة إلى موقع العميل. أعتقد بأننا بهذا الإجراء سنختصر وقت الجميع في الانتظار ونكون قللنا من الازدحام. وبعد توصيل العميل إلى وجهته المحددة يتجه سائق الأجرة إلى أقرب نقطة تجمع، لينتظر دوره للتوجه إلى زبون موجود. elyas.wa@gmail.com