×
محافظة المنطقة الشرقية

التعليم العالي يعقد مؤتمراً صحفياً.. اليوم

صورة الخبر

تتحدث السيدة الأميركية بحياد كبير الى أطفالها الصغار عما ينتظر امهم في الأيام المقبلة. تشرح بمقدار معقول من التفاصيل إن الشخص الذي «آلمها» قبل سنوات سيُعدم خلال أيام. ولوهلة، لا يبدو ان هناك ما يُثقَل روح المرأة التي تجاوزت الثلاثين بقليل، فهي أمّ لطفلين وزوجة رجل مُحَّب. ولكن عندما صوّرتها الكاميرا، والتي كانت تتبعها لأيام، من الخلف أثناء رفعها طفلها، ستظهر الحفرة العميقة أسفل الرقبة، والتي تركها اعتداء رجلين عليها قبل عشر سنين. فالأميركية التي كانت تعمل في سوبرماركت ليليّ، اختُطفت مع زميل لها، ثم نقلا الى منطقة مهجورة، لتُغتصب، وتعذّب بسادية شاذة، حتى اعتقد خاطفوها إنها لفظت أنفاسها الأخيرة، فيما أكمل هؤلاء تعذيب زميلها الشاب الى أن فارق الحياة. عندما يتكشف التشويه الذي لحق بجسد المرأة، والذي سبقه حوار طويل مع المعتدي من خلف أسلاك السجن، بدا ان برنامج «صف الحياة والموت» الذي عرض اخيراً على شاشة القناة الثالثة لـ «هيئة الإذاعة البريطانية»، قد وصل سريعاً الى ذروة الجدال الذي تفرضه القضية المطروحة، بعرضه وبالقوة ذاتها جانبي النقاش الدائر عن عقوبة الإعدام التي تثير دائماً عواطف متباينة وحادة. فالأميركي الذي اغتصب وشوّه تلك المرأة وقتل زميلها الشاب، يقول إنه تبدَّل، وإن الحياة في السجن علمته الكثير، ووجد السكينة أخيراً في زنزانته. هو يدعي إن الشخص الذي قام بالأفعال تلك لم يعد موجوداً، ولا يفهم رغبة المجتمع في القصاص منه من طريق إنهاء حياته ولماذا لا يُترك في السجن الى آخر يوم من عمره؟ وإضافة الى المحكوم الأول، ترافق الحلقة الأولى من البرنامج، شاباً آخر قتل شرطياً ولم يبلغ عندها الـ 18 من العمر، وينتظر هو الآخر منذ سنوات طويلة تنفيذ عقوبة الإعدام الذي تأجل مرات لأسباب مختلفة. وإلى جانب تقديم لقاءات لعائلات الضحايا والمجرمين، يربك البرنامج مشاهده، فبعد لقطات طويلة للسجناء وهم يؤكدون بأنهم تغيّروا بل عرفوا الإيمان في السجن، يعرض مشاهد أخرى لألم عائلات الضحايا، وكيف أنهم حُرموا من وجود الأب والزوج والابن، إلى درجة يبدو إن البرنامج لا يريد أن يصل الى أي خلاصة، بل يعرض لمشاهديه الأسباب التي جعلت هؤلاء السجناء ينالون أقصى عقوبة موجودة، في مقابل تقديم ألم ما خلفته جرائمهم جنباً الى جنب مع شهادات المحكومين. وفي توزيع مُحيّر قليلاً، تسجل الحلقتان الثانية والثالثة من البرنامج، يوميات لجنة محلفين أميركية، عليها أن تصدر حكمها بجريمة قتل بشعة، راح ضحيتها 8 أشخاص، والمتهم هو ابن العائلة نفسها، فالتقسيم الزمني الطبيعي، هو عرض حلقتي النقاشات أولاً يعقبهما حلقة الأيام الأخيرة للمحكومين. وهنا يجد أعضاء لجنة المحلفين أنفسهم أمام السؤال: هل سننطق العبارة «نوصي بعقوبة الإعدام» أم لا؟ يبدو هذا الجزء من البرنامج وكأنه انعكاس آخر للجدال الذي تثيره عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة. يذكر ان برنامج هيئة الإذاعة البريطانية الجديد ينضم الى البرامج أو الأفلام التسجيلية الأوروبية الكثيرة التي تناولت القضية ذاتها، فالقارة التي ألغت عقوبة الإعدام منذ أكثر من نصف قرن، تبدو أحياناً مهووسة بإصرار النظام القضائي الأميركي على الاستمرار في تطبيق العقوبة. ومن أبرز هذه البرامج برنامج تسجيلي بعنوان «إلى الهاوية: قصة للحياة، قصة للموت» الذي أخرجه السينمائي الألماني المعروف فيرنر هيرزوغ، وهو عاد وبأسلوب مشابه لما قدمه برنامج «بي بي سي»، الى الجرائم، ومرتكبيها، معبراً، بشاعرية معروفة عن المخرج، عن «خواء فعل عقوبة الإعدام وهمجيته». لا تنقص الشاعرية برنامج «صف الحياة والموت»، حتى أنه يُعَّد عودة لـ «بي بي سي» الى البرامج الجريئة والمُبتكرة والتي غابت في شكل كبير عن شاشات المؤسسة في العامين الأخيرين، إذ تميزت المعالجة بقسوة وإرباك، بخاصة عندما انفرد بالمحكومين بالإعدام، والذين على رغم تأكيدهم نبذ حياتهم السابقة، مازالت هالة شرسة مُقلقة تحيط بحضورهم التلفزيوني، ما يستدعي النقاش المتواصل في شأن عقوبة الإعدام. تلفزيون