صادق ناشرالزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال اليومين الماضيين إلى المملكة العربية السعودية واجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، شكلت نقطة مفصلية مهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وبددت الكثير من الشكوك التي كان يحاول البعض إثارتها على العلاقات الثنائية التي ظلت طوال العقود الماضية مثالاً حياً على إيجابية المواقف، واختبرتها الكثير من المحطات.جاءت الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة الكثير من التحولات، حيث تعد الدولتان محور الكثير من الأحداث فتأثيرهما على أمن المنطقة كبير، إذ إن قدرتهما على احتواء الأزمات ليس هيناً، نظراً لما تتمتعان به من تأثير تم اكتسابه خلال سنوات طويلة. اختار الزعيمان العربيان عنوان «تعزيز العلاقات الاستراتيجية» للزيارة التي حملت الكثير من الآمال التي تهدف إلى معالجة ما طرأ واستجد على العلاقات بينهما خلال الفترة القليلة الماضية، وربما يكون المكسب الأبرز الذي تمخضت عنه الزيارة بحث إمكانية اتفاق الزعيمين على آلية لإدارة العلاقات بين البلدين ومناقشة مجمل التحديات التي تحيق بالوطن العربي، خاصة وأن الزيارة جاءت في أعقاب اللقاء الذي جمعهما في القمة العربية التي عقدت نهاية الشهر الماضي في العاصمة الأردنية عمان.نتائج جيدة تمخضت عنها زيارة السيسي إلى المملكة العربية السعودية، والتي من خلالها تم تفعيل الاتفاقيات المشتركة، خاصة الاقتصادية منها والبالغة نحو 25 مليار دولار، وهي خطوة ستشكل نقطة تحول كبيرة في معالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر في الوقت الحاضر، وحاجتها لضخ مزيد من الاستثمارات لمواجهة التحديات التي تعصف بهذا البلد المحوري. لقد أحسن الزعيمان صنعاً عندما اختارا طريق التفاهم لمواجهة الأزمات التي شابت العلاقات بين البلدين خلال الأشهر القليلة الماضية، إضافة إلى الأزمات التي تواجه المنطقة العربية بأسرها، وبالذات في سوريا واليمن وليبيا، حيث يبدو دور البلدين حاسماً ومؤثراً في معالجة هذه الأزمات. وكما شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى القاهرة في شهر إبريل/ نيسان من العام الماضي أهمية كبيرة، فإن زيارة الرئيس السيسي إلى الرياض تحمل الأهمية نفسها، فاللقاء الذي عقد بين الزعيمين أكد وجود تقارب كبير في مواقفهما وخاصة ما يتصل بمحاصرة الإرهاب وتجفيف منابعه من خلال وضع خطة مشتركة وشاملة للقضاء عليه، كما أكد ضرورة توحيد الجهود لتحقيق المصالحة العربية العربية، والتي إن تمت ستساعد على لم الشمل بعد سنوات من الجفاء، بسبب الأحداث الدامية التي لا يزال بعضها قائماً، وخاصة في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، ناهيك عن تحديات كبيرة تواجهها مصر التي تخوض حرباً مكشوفة ضد الإرهاب وذيوله في الداخل. من هذه الزاوية يمكن اعتبار الزيارة التي قام بها السيسي إلى الرياض مهمة لجهة تشكيل جبهة عربية قوية تعمل على رأب الصدع وتجاوز الخلافات إن وجدت، في ظل قناعة تامة بأن الحاضر اليوم يصنع المستقبل. sadeqnasher8@gmail.com