×
محافظة المنطقة الشرقية

" الأحمدي": 5 خطوات إلى أفضل 20 مطارًا بالعالم .. "المانع": قروض التعليم

صورة الخبر

خيري منصورأحياناً تنشر أخبار تبدو عابرة، وتضيع في ضجيج الرصاص، ويحجبها الغبار ودخان الحرائق، منها مثلاً أن سيدة مصابة بالزهايمر، وتعيش في ملجأ لكبار السن، يزورها زوجها بلا انقطاع، وفي كل مرة تفاجئه اللحظة الصادمة ذاتها، وهي أنها لا تتعرف إليه.وذات يوم، سأله أحد العاملين في الملجأ عن جدوى زياراته المتكررة ما دامت المرأة فقدت ذاكرتها، ولم تعد قادرة على التعرف إليه، فأجاب ببساطة وأسى، قائلاً: إنه يعرفها ولم يفقد ذاكرته بعد، وهذا وحده يكفي لأن يكرر زيارتها مرات عدة في الأسبوع، الخبر بحد ذاته قد لا يجد متسعاً بين أخبار تبدأ بعملية انتحارية وتنتهي بوليمة «داعشية» تفوح منها رائحة الفحم البشري.لكنه دفاع باسل عن آخر ما تبقى من وفاء وخصال آدمية، فالرجل بإجابته المختصرة حذف البعد النفعي والبراجماتي من العلاقات الإنسانية، لأنه يفعل ما يشعر به بمعزل عن أي رد للجميل، وإن كان نبأ كهذا يستوقفنا رغم كل ما يحيط بنا ويستغرقنا من شجون سياسية، فذلك لندرة المواقف التي تنتمي إلى الفروسية وإنكار الذات في زمن بلغت فيه النرجسية العمياء ذروتها، وأوشكت أن تتحول إلى وباء. وحين نقرأ في السياق ذاته خبراً عن طبيب عربي تبرع بإحدى كليتيه لطفل مصاب بالفشل الكلوي وهو لا يعرفه ولا يمت إليه بصلة قرابة، نتنفس الصعداء بعد كل ما أصابنا من اختناقات، لأنه يذكرنا بعبارة شكسبيرية ذات مغزى عميق جعلها جديرة بالخلود وهي «سيبقى هناك على الدوام بقية من الرحيق»!والرحيق يبقى حتى لو لم تبق نحلة واحدة في هذا العالم!إن فائض الكوارث والانتهاكات والمآتم جعلنا نبحث عن أي نبأ يعيد إلينا التوازن، فالعالم الآن بحاجة ماسة إلى أنباء تجدد لديه خلايا المناعة ضد التوحش، والعزاء لمن لم يشربوا بعد من نهر الجنون وظلوا على قيد آدميتهم هو أن العصفور والفراشة لم ينقرضا رغم أن الغابة تعج بالضواري والجوارح، والسماء مرصعة بالطائرات، وليس بالنجوم وحدها.