تحقيق: راندا جرجسالسكري داء مزمن يصاب به الشخص عندما لا ينتج الجسم كميات كافية من الإنسولين، ويصنف من أبرز الأمراض التي تؤدي إلى تدهور في النظر وذلك بسبب تأثيره على الأوعية الدموية الدقيقة التي تشكل المقومات الأساسية للنظر في العين، وعلى الرغم من التزام مرضى السكري بتناول الأدوية، ومراقبة مستويات السكر في الدم، إلا أن تقلبات السكري تستمر في الحدوث، وخاصة مع الذين لا يتبعون نمطاً غذائياً سليماً ويقومون بالتدخين ولا يمارسون الرياضة، ما ينتج عنه ضرر في الأوعية الدموية الصغيرة في شبكة العين، وفي سطور هذا التحقيق نتعرف إلى خمسة أمراض تصيب العين بسبب بالسكرى.يقول الدكتور صالح سيف المصعبي، استشاري طب العيون، إن مرض السكري يعد السبب الرئيسي لفقدان البصر عند البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 47 عاماً، إذ تزداد مخاطر الإصابة بضعف البصر بنسبة 25 في المئة بالنسبة لمرضى السكري، كما يكون مرضى داء السكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض العين مثل البقعة الصفراء السكرية (DME)، واعتلال الشبكية السكري الذي يُحدث ضرراً في الشبكية ويؤدي إلى ضعف البصر أو حتى فقدانه، ويكون مرضى السكري معرضين للإصابة بهذه الأمراض نتيجة لارتفاع مستويات السكر في الدم، الأمر الذي يضعف الأوعية الدموية ويؤدي بالتالي إلى تسرب السائل إلى داخل الشبكية وإلحاق الضرر بها، وينشأ مرض البقعة الصفراء السكرية (DME) عندما يتسرب السائل إلى داخل شبكية العين ويؤدي إلى حدوث وذمة، وربما تؤثر وذمة الشبكية بشكل سلبي في البقعة الصفراء وهي الجزء الأكثر حساسية في العين الذي يتيح لنا الرؤية الواضحة، ويمكن حقن الأدوية المضادة لتشكل الأوعية الدموية الجديدة (Anti-VEGF) في العين للتخلص من الوذمة في الأوعية الدموية، ويعود هذا العلاج بنتائج إيجابية فعالة على سلامة النظر وحماية العين عند اكتشاف المرض في مراحل مبكرة.الجلوكوما يوضح د. صالح أن المياه الزرقاء أو ما يُسمى بالجلوكوما من الأمراض التي تصيب العين نتيجة داء السكرى، وتُعرّف بأنها حالة مرضية تُسبب تلف العصب البصري للعين وتعد ثاني أشهر الأسباب الشائعة لفقدان البصر في العالم، ولسوء الحظ، تسجّل منطقتنا نسبة مرتفعة في حدوث هذه الحالة المرضية، وغالباً ما تترافق المياه البيضاء وارتفاع ضغط العين ويمكن أن تؤدي إلى فقدان البصر في حال تعرض العصب البصري لمزيد من التلف، وتُعد «جلوكوما الزاوية المفتوحة» من أكثر أنواع المرض شيوعاً وتحدث نتيجة لتجمع السائل داخل العين، ويمكن أن يعاني المرضى أيضاً من نوع آخر من المياه البيضاء والمعروفة باسم «جلوكوما الزاوية المغلقة» وهي التي تحدث عندما تكون الزاوية بين قزحية العين والقرنية ضيقة للغاية، ويترافق هذا النوع عادةً بمد البصر أو بظهور المياه البيضاء التي تُسبب إعتام عدسة العين، ولا تترافق الجلوكوما عادةً بأي أعراض بل يتمثل أول مؤشراتها بفقدان الرؤية الجانبية، وهي مؤشرات لا يمكن ملاحظتها عادة حتى في المراحل المتأخرة من المرض، وتتمثل الأعراض الرئيسية في :} صداع في الرأس} الشعور بحكة أو ألم في العين} رؤية غير واضحة} الشعور بالغثيان أو الإقياء} رؤية هالات حول الأضواء} ضعف البصروتستغرق فحوص الجلوكوما فترة زمنية قصيرة ولا تكون مصحوبة بأي ألم، وأثناء هذه الفحوصات، سيقوم طبيب العيون أولاً بوضع قطرة عينية ليتمكن من توسيع الحدقة وفحص سلامة العين، وسيجري الطبيب فحصاً للعصب البصري ليرى فيما لو كانت هناك أي مؤشرات لمرض الجلوكوما، كما سيلتقط طبيب العيون صوراً للعصب البصري عند تشخيص الإصابة بهذا المرض ليتمكن من متابعة مراحل تطور المرض بمرور الوقت، ومن المرجّح أن يلجأ طبيب العيون إلى قياس توتر العين للتعرف على مستويات الضغط فيها، وربما يجري الطبيب أيضاً فحصاً لمجال الرؤية البصرية لمعرفة فيما لو كان المريض فقد الرؤية الجانبية.الكشف المبكر وقاية ويوصي د. صالح ببعض التوصيات والنصائح للوقاية من الإصابة بالمياه الزرقاء، بضرورة وأهمية إجراء فحص دوري للنظر بالنسبة لمرضى السكري، لأن مرض الجلوكوما يصيب في معظم الأحيان الأفراد البالغين الذين تجاوزوا عمر 40 عاماً، ومن المحتمل أن يصيب أيضاً البالغين الأصغر سناً والأطفال، لاسيما أولئك الذين لديهم سجل عائلي بهذا المرض أو بمرض السكري، وتتمثل أفضل طرق الوقاية من هذا المرض في إجراء فحوص دورية للبصر، أما علاج مرض الجلوكوما فيتضمن وصف قطرة عينية وإجراء عملية جراحية بواسطة الليزر أو حتى إجراء جراحة مجهرية، إذ تعمل القطرة العينية على الحد من تشكل السائل داخل العين، في حين تساعد الإجراءات الجراحية في إزالة السائل من العينين وتخفض بذلك من ضغط العين وما ترافقه من أعراض، ويضيف: أمراض العين السكرية تعد من أكثر الأمراض الخمسة الشائعة في منطقة الخليج، ولسوء الحظ هناك حوالي 300,000 حالة، لم يتم تشخصيها حتى الآن في الإمارات العربية المتحدة، وعندما لا يواظب الأفراد على الفحوصات الدورية للنظر، فهذا يعني أن أمراض العين بما فيها الأمراض الناجمة عن الإصابة بمرض السكري، تؤثر بشكل سلبي لا يمكن تداركه على سلامة الرؤية ولفترة زمنية طويلة الأمد، فمن خلال إجراء فحوص دورية للنظر، تتمكن من الكشف المبكر عن المرض وتحظى بفرصة تلقي العلاج المناسب للحفاظ على سلامة العين والنظر.البقعة الصفراء ويذكر الدكتور عمار صفر، استشاري طب العيون، أن مرض البقعة الصفراء السكرية (DME)، يمتد على مساحة صغيرة من مركز الشبكية، وهي عبارة عن غشاء رقيق حساس للضوء يبطن الجزء الخلفي من جدار العين، تستقبل الشبكية أشعة الضوء التي تنعكس عليها ويتولى الدماغ بعدها مهمة تحويلها إلى صور لنتمكن من الرؤية، والبقعة الصفراء مسؤولة عن الرؤية المركزية وتتيح لنا بذلك فرصة القراءة أو الخياطة أو التعرف على الوجوه، ويصيب مرض البقعة الصفراء السكرية (DME) المرضى المصابين باعتلال الشبكية السكري عندما يتسرب السائل إلى داخل شبكية العين ويؤدي إلى حدوث وذمة في البقعة الصفراء، ولا يترافق مرض البقعة الصفراء عادةً بأي أعراض أو شعور بالألم، وربما تتضمن الأعراض الرؤية غير الواضحة، الرؤية المركزية المتموجة، عدم القدرة على رؤية الألوان بوضوح، كما يترافق مع هذا المرض رؤية بقع سوداء في مركز الرؤية.ويستكمل: هناك علاقة تربط بين مرض السكري ومرض البقعة الصفراء السكرية (DME)، لأن مرضى السكري، هم أكثر عرضة للإصابة به نتيجة لارتفاع مستويات السكر في الدم، وهو الأمر الذي يضعف الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى تسرب السائل إلى داخل الشبكية وإلحاق الضرر بها، وكان يستخدم في السابق الليزر لعلاج مرض البقعة الصفراء السكرية (DME)، وشهدنا مؤخراً طرح علاج جديد يتم خلاله حقن الأدوية المضادة لتشكل الأوعية الدموية الجديدة (Anti-VEGF) والستيرويد داخل العين باستخدام محقنة.وذمة البقعة الصفراء ويوضح د. عمار أن وذمة البقعة الصفراء تحدث نتيجة تضرر البقعة الصفراء، وهو الجزء المسؤول عن توفير الرؤية المركزية، وينتج هذا الضرر الشائع عن الوذمة البقعية المرتبطة بالسكري (DMO)التي تؤدي إلى تسرب السائل أو البروتين من الأوعية الدموية المحيطة بالبقعة الصفراء، وربما لا تحتاج الحالات البسيطة من الوذمة البقعية المرتبطة بالسكري (DMO)إلى علاج إلا أن معظم الأفراد يلجؤون اليوم إلى معالجتها بالليزر بهدف تقليص أو إزالة الأوعية الدموية غير الطبيعية. وتتضمن الأنواع الأخرى من العلاج استخدام سلسلة من الحقن تُسمى الأدوية المضادة لتشكل الأوعية الدموية الجديدة (Anti-VEGF) التي تعمل على إزالة الوذمة.انسداد الوريد الشبكي (RVO) ويفيد الدكتور إبراهيم الغرابلي، استشاري متخصص في شبكية العين، انسداد الوريد الشبكي (RVO)، يُعرّف بأنه اضطراب يصيب الأوردة الدموية في شبكية العين وهو واحد من أكثر الأسباب الشائعة لفقدان البصر في العالم، إذ يأتي في المرتبة الثانية بعد وذمة البقعة الصفراء السكرية، ويحدث هذا المرض عند انسداد أحد الأوردة الدموية الدقيقة في الشبكية نتيجة تشكّل خثرة دموية، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف البصر في إحدى العينين، وتتمثل أهم العوامل المسببة لهذا المرض في ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستويات الكوليسترول، والإصابة بمرض السكري والتدخين وارتفاع ضغط العين.، وهناك نوعان لانسداد الوريد الشبكي (RVO) هما: } انسداد الوريد الشبكي الفرعي، ويحدث عند انسداد أحد الأوردة الدموية الأربعة في الشبكية، إذ يكون كل وريد دموي شبكي مسؤولاً عن ربع جزء من العين.} انسداد الوريد الشبكي المركزي، ويحدث عند انسداد الوريد الرئيسي حيث تلتقي الأوردة الشبكية الأربعة، ويحدث انسداد الوريد الشبكي الفرعي أكثر بمرتين إلى ثلاث مرات من انسداد الوريد الشبكي المركزي.أعراض وتشخيص ويوضح د. الغرابلي أن المرضى المصابين بانسداد الوريد الشبكي (RVO)، يلاحظون عادةً تراجعاً في الرؤية في عين واحدة، ولا يترافق هذا المرض في معظم الأحيان بأي شعور بالألم ما لم تحدث بعض المضاعفات، وربما لا تظهر أي أعراض على المرضى المصابين بانسداد بسيط في الوريد الشبكي، ويتم تشخيص هذا المرض عادة بعد أن يقوم الطبيب المتخصص في طب العيون بفحص الجزء الداخلي من عين المريض باستخدام منظار العين، وعلى الرغم من عدم وجود علاج لانسداد الوريد الشبكي (RVO)، إلا أنه يمكن الحفاظ على الحالة المستقرة للعين من خلال إيقاف التسرب في الأوردة الدموية في الشبكية لمنع حدوث وذمة، ويلجأ طبيب العيون إلى إجراء عمل جراحي بسيط يُسمى «المعالجة البؤرية بالليزر»، يقوم خلاله بإحداث حروق صغيرة للغاية في المنطقة المحيطة بالبقعة الصفراء بهدف إيقاف تسرب السائل من الأوعية الدموية، كما يمكن لطبيب العيون أيضاً علاج هذا المرض من خلال حقن العين بأدوية تساعد في تخفيف وذمة البقعة الصفراء.اعتلال الشبكية وعن مرض اعتلال الشبكية السكري، يؤكد د.الغرابلي أنه من أكثر أمراض العين شيوعاً لدى مرضى السكري، ويحدث عندما تتعرض الأوعية الدموية للتلف نتيجة لارتفاع مستويات السكر في الدم أو ارتفاع ضغط الدم وهذا ما يجعله مرضاً شائعاً لدى مرضى السكري، ويؤدي الكشف المبكر عن المرض إلى تقليل مخاطر فقدان البصر بنسبة 95 في المئة، وتعد الفحوصات الدورية السنوية للعين من أفضل الطرق لتجنب حدوث مضاعفات خطيرة مثل اعتلال الشبكية إذ تسمح هذه الفحوصات لطبيب العيون بإجراء فحص شامل للعين. وقد يلجأ طبيب العيون أيضاً إلى قياس قدرة المريض على رؤية الأجسام عند مسافات مختلفة وفحص ضغط العين وصحة أنسجة الشبكية والعصب البصري، وسوف يقوم الطبيب بوضع خطة للعلاج عند ملاحظة وجود أي تغير في الأوعية الدموية أو تسرب أو وذمة، إذ يمكن على سبيل المثال حقن العين بالأدوية المضادة لتشكل الأوعية الدموية الجديدة (Anti-VEGF) لمنع حدوث مضاعفات في الأوعية الدموية، ويدوم حالياً تأثير هذا النوع من العلاج لفترة زمنية تتراوح بين أربعة إلى ستة أسابيع ونرجو أن نتمكن في المستقبل من توفير أدوية مضادة تمنع تشكل الأوعية الدموية الجديدة (Anti-VEGF) لفترة أطول.43 مليون مصاب وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن عدد المصابين بالعمى الكلي في مختلف أنحاء العالم يتجاوز 43 مليون شخص، وتتركز أغلبيتهم في الدول النامية، ويتسبب السكري في فقدان البصر وضعفه في أغلب الحالات، نتيجة للمضاعفات الخطرة التي تصيب العين كإصابة شبكية العين بالارتشاح الدموي والإصابة بمرض المياه البيضاء، التي تؤدي إلى فقدان البصر إذا لم تعالج جراحياً، وبعد مرور 15 عاماً على الإصابة بداء السكري، يقدر أن نحو 2٪ من المصابين سيفقدون البصر كلياً و10٪، سيعانون ضعفاً حاداً فيه، بالإضافة إلى أن ارتفاع المعدل التراكمي للسكر في المصابين بالسكري عن 7%، يعتبر مؤشراً على احتمال الإصابة بالأمراض المرتبطة بالسكر كأمراض القلب والكلى والعين وضعف الأوعية الدموية.