برشلونة (اسبانيا) - في الطابق السفلي من مبنى جديد في حي راق من برشلونة، سدت نوافذ شقة أحجار قرميد بهدف ثني العصابات التي تصادر الشقق للمطالبة بفدية، في ظاهرة باتت مستشرية في البلاد. ويقول إنريكه فندريل رئيس مجلس النقابات العقارية في برشلونة إن العصابات "تبحث عن الشقق الخالية من السكان على الانترنت أو في السجلات العامة للدخول عنوة اليها. وهي تشغل بطريقة غير قانونية الخدمات العامة، من مياه وغاز... وتقدم المساكن لآخرين". وتتقاضى العصابات في مقابل هذه الخدمات أقل من ألف يورو ثم يقوم السكان الجدد بابتزاز أصحاب الأملاك في حال أرادوا استرداد عقاراتهم، وفق فندريل. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، ارتفع الطلب على الأبواب المصفحة، "وأصبحنا نوفر 1500 بوابة من هذا النوع كل شهر في إسبانيا"، على ما يكشف خوان كارلوس بارا، الموظف في شركة "اس تي ام سيغوريداد إنتيغرادا" المتخصصة في صناعة الأبواب الفولاذية. وبحسب هذا الأخير، يسعى الزبائن إلى مكافحة العصابات التي تستولي على الشقق الخالية "وتغير أقفال الأبواب وتبيع المفاتيح الى آخرين". وهي عمليات ابتزاز غالبا ما تكون مصحوبة بتهديدات. ورفض ضحايا هذه العمليات تشارك خبراتهم خشية تعرضهم لأعمال انتقام. وهذه المخاوف تدفع أيضا أصحاب بعض العقارات إلى الامتناع عن عرض لافتات بيع أو تأجير على ممتلكاتهم لعدم لفت انتباه العصابات. ويؤكد خوسيف ماريا مونتانر المستشار البلدي المكلف شؤون الإسكان في برشلونة أن البلدية تدرك هول المشكلة وهي تتعاون مع شرطة كاتالونيا على حل الحالات الأكثر خطورة، من دون تقديم أرقام محددة في هذا الخصوص. شركة متخصصة في الوساطة وفي ظل استشراء هذه الظاهرة، استُحدثت شركة "ديسوكويا" سنة 2016 لحث مصادري الشقق بطريقة غير شرعية إلى إخلائها. ويؤكد مؤسسو هذه الشركة المثيرة للجدل أنهم لا يقومون سوى بالوساطة، غير أن بعض الجمعيات تندد بلجوئها إلى العنف خصوصا من خلال الاستعانة بملاكمين سابقين أو حراس أمن. وقد أظهر ريبورتاج تلفزيوني رجالها الأقوياء البنية وهم يقومون بدوريات حول أبنية مصادرة. حل مشكلتين في آن هذه الظاهرة ناجمة بجزء منها إلى انفجار الفقاعة العقارية الجامحة سنة 2008 في ظل الأزمة المالية التي ضربت البلاد. وبحسب المعهد الوطني للإحصاءات، تضم البلاد 3,4 ملايين عقار شاغر، أي حوالى 13,7 % من إجمالي العقارات السكنية. ويشير فندريل إلى أن هذه الظاهرة لا صلة لها بمشاكل الأشخاص الغارقين في الديون المطرودين من منازلهم الذين يبحثون عن مأوى لهم. فعصابات هذه العمليات الابتزازية تسعى إلى الضغط على أصحاب العقارات، مطالبة إياهم بفدية قد تراوح بين 3 و6 آلاف يورو لإخلاء الموقع. وفي بعض الحالات، يفضل المالكون الدفع لكسب الوقت. والمساكن المملوكة للبنوك هي الأكثر عرضة لهذا النوع من المصادرة، إذ من السهل تحديد مواقعها وإجراءات الطرد تستغرق وقتا طويلا. وبحسب هيئة الإسكان في كاتالونيا، تملك المصارف حوالى 45 ألف مسكن شاغر في المنطقة. ويكمن الحل بنظر أدا كولاو رئيسة بلدية برشلونة في تحويل هذه العقارات الفارغة إلى مساكن اجتماعية لحل مشكلتين في آن واحد.