أكّد الدكتور ريمون خوري، نائب الرئيس التنفيذي، في شركة «بوز ألن هاملتون» للاستشارات أن خطّة دبي 2021 تضع الابتكار في صدارة محرّكات الاقتصاد عبر جميع القطاعات، وتُعزز «المكان» باعتباره أحد المواضيع الستّة الأساسيّة، التي تهدف إلى تحقيق مدينة ذكيّة ومستدامة، مشيراً إلى أن ترجمة هذا الهدف المنشود على أرض الواقع يستوجب تقدّم أربعة عناصر أساسيّة وتحققها والمواطن المشارك، الخدمات الذكيّة، البنية التحتيّة من الجيل الجديد وعناصر التمكين التأسيسية الرقميّة. وأضاف خوري في تصريحات لـ«البيان الاقتصادي»، إن المواطن المشارك هو ضروري لتحقيق الاستخدام «الشامل» للخدمات الذكيّة، مشيراً إلى أن دبي رائدة في إشراك المواطنين والمقيمين في صميم تجارب المدينة الذكية، وأنه لا يزال هناك مساحة لزيادة تلك المشاركة من خلال مقاربة متدرّجة المراحل وشاملة وتركّز على المواطن. وأضاف: «ترمي رؤية مدينة دبي الذكيّة في الإمارات إلى إقامة مدينة يتمّ تعزيز كل مواردها لتحقيق فعالية قصوى، ندمج الخدمات اليومية فيها اندماجاً سلساً ضمن الحياة اليوميّة مما يولِّد تجربة حياتيّة وتجاريّة أكثر تواصلاً واستدامة وتفاعلاً للجميع. ومن خلال تسهيل استحداث المدن الذكيّة، التي تستعين ببنية تحتيّة متطوّرة وبحلول رقميّة لتوفير الخدمات، باستطاعة التكنولوجيا أن تُساعد واضعي السياسات على معالجة التحديات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة الناشئة عن التوسع الحضري. وتجعل المدن الذكيّة التكنولوجيا الرقميّة والشبكات والتطبيقات جزءاً رئيساً من العمليّات والتفاعل مع المقيمين. المواطن المشارك تُشرك المدن الذكيّة المواطنين أو المقيمين من خلال قنوات عديدة هي أجهزة التلفزيون، وأجهزة الهاتف الذكيّة، والأجهزة اللوحية، والأجهزة القابلة للارتداء، والتكنولوجيّات المستقبليّة ونقاط وصول سيتم التفكير بها أو تطويرها، ولكي تكون هذه القنوات على قدر من الفاعليّة، يجب أن يعي المواطنون الخدمات وأن يُبدوا ارتياحاً لاستخدام التكنولوجيا، فالمواطن المشارك هو ضروري لتحقيق الاستخدام «الشامل» للخدمات الذكيّة، بل لتبنيها ولضمان المشاركة في مدينة ذكيّة والانخراط بها. خدمات ذكيّة تتجاوز الخدمات الذكيّة الخدمات التي توفّرها حكومات المدن، بحيث تضمّ الخدمات التي يُتيحها القطاع الخاص، فليست الخدمات الذكيّة كلّها متساوية بل تختلف من حيث درجة "الذكاء". أمّا الدرجة الأدنى من ذكاء الخدمة فهي "خدمة الاتصال" حيث تتصل الخدمات بالإنترنت وتكون متاحة للمستخدمين في أيّ زمان ومكان. وعلى مستوى أعلى، تكون "الخدمة المدمجة" متكاملة مع العديد من الأنظمة ومتّصلة بمركز قيادة وضبط مركزي، بما يُتيح التواصل السلس وتدفق المعلومات (كنظام مركزي للتبليغ عن الكوارث يتضمّن التواصل في حالات الطوارئ والاستجابة عبر وكالات السلامة/الأمن). أمّا الدرجة التالية من الذكاء فهي "الخدمة الشخصيّة" التي تكون مفصلة بحسب الحاجات ومتاحة للمواطنين والمقيمين أو السيّاح بحسب خصوصيّاتهم وخياراتهم وموقعهم وعاداتهم الاستهلاكيّة إلخ. أمّا الخدمة الذكيّة القصوى فهي "الخدمة الاستشرافيّة" التي تُتاح للمواطنين والمقيمين أو السيّاح بشكل استباقي من خلال توقّع حاجاتهم بالاستناد إلى الذكاء الفعلي الميداني (التحليلات التوقعية) الذي يسمح بالوقاية والجاهزيّة و/أو الحذر. بيانات مفتوحة ولفت خوري إلى أنه وبهدف توفير نوعيّة حياة أرقى لمواطني المدينة وسكّانها أو سيّاحها، يجب أن تُبنى البنية التحتيّة من الجيل المقبل على البيانات المفتوحة وتحليلات البيانات الاستشرافيّة. وتُعدّ منصّات التحليلات الذكية، التي تغطي تحليلات البيانات الكبيرة والتحليلات الاستشرافيّة وتحليلات القرار، أساسيّة من أجل توفير خدمة راقية للعملاء في المدينة. ولا يقلّ شأناً اعتماد البنية التحتيّة الذكيّة التي تشمل شبكات الاستشعار والاتصال اللاسلكي بين الأجهزة في المدينة والاتصال شديد السرعة ومنصّات التقارب لضمان الوصول المريح إلى الخدمات الذكيّة ودمجها على النحو الصحيح لتوفير خدمة شاملة بصرف النظر عن الكيان، الذي يُتيح الخدمة أكان من القطاع العام أو الخاص. 8 عناصر ونوّه بأن قيام نظام بيئي رقمي شامل في المدينة الذكيّة يُبنى على ثمانية عناصر أساسيّة هي الحوكمة والحكومة المفتوحة والتحليلات والابتكار وريادة الأعمال ومعرفة القراءة والكتابة الإلكترونية والأمن السيبراني والسياسات والمعايير والشراكات بين القطاعَين العام والخاص والاتصالات الاستراتيجية وآليّات محفّزات الاستخدام. تضمن هذه العناصر استدامة وتقدّم خدمات المدينة الذكيّة وتقديماتها. وأضاف: "باعتماد العناصر الأساسيّة المذكورة أعلاه كونه مرجعاً، يبدو واضحاً أنّ دول مجلس التعاون الخليجي هي في صدارة التحوّل نحو مدن ذكيّة لا سيّما الإمارات (دبي وأبوظبي)، الرياض، الدوحة والتي طوّرت برامجها في الفترة الأخيرة، ولكنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام لا تزال متأخرة في مجال واحد وهو القدرات المتصلة بعلم البيانات. وحتّى الساعة، لا تزال هذه القدرات ضئيلة وتعوِّل بدرجة كبيرة على استيراد المعرفة إمّا من أوروبا أو من الولايات المتحدة. ولا بدّ من بذل المزيد في سبيل تكوين علماء البيانات في المنطقة وتعزيز قدراتهم، فلا تزال المؤسسات بمعظمها غير واضحةٍ بشأن القيمة المضافة المستقاة من تحليلات البيانات وهي مترددة في تطبيق أيّ نوعٍ من أنواع البرامج التحليليّة". وللتغلّب على هذا التحدي، أشار إلى أنه لا بد أن تعمل المؤسسات في القطاع العام أو الخاص نحو تطوير ثقافة فعليّة مبنية على علم البيانات. وكي تتمكن المؤسسات من البناء على قوّة تحليلات المواطنين أو العملاء ينبغي أن تضع الابتكار والتحليلات والتركيز على المواطنين أو العملاء في قلب ثقافتها المؤسسيّة.