دبي :عبير أبو شمالة توقع بنك «ستاندرد تشارترد» أن يحافظ اقتصاد الإمارات على مستويات نمو إيجابية في المرحلة المقبلة بفضل التحسن في أسعار النفط العالمية، مرجحاً استقرار سعر برميل النفط خلال ال12 شهراً المقبلة عند مستوى من 60 إلى 63 دولاراً، المستوى الذي قال مارثافيتس إنه معتدل وإيجابي بالنسبة لكلا الطرفين للدول المنتجة للنفط وللاقتصاد العالمي، معرباً عن اعتقاده بأن اقتصاد الإمارات غير النفطي مرشح للنمو 3.2% في العام 2017، ومؤكداً في الوقت ذاته أن القطاع المصرفي بالإمارات في وضع صحي.قال ماريوس مارثافيتس، كبير الاقتصاديين لدى بنك «ستاندرد تشارترد» إن مستويات النمو في الناتج المحلي ليست العامل الأبرز الذي يجب أن نتطلع إليه، لكن نوعية النمو هي الأهم ودرجة استدامته. وتوقع نمو الاقتصاد المحلي بصورة أكبر في 2018 مع الارتفاع المتوقع في الإنفاق من أبوظبي، وفي ظل ضخ المزيد من الاستثمارات للتحضيرات لاستضافة «إكسبو 2020 دبي». ولفت إلى أن التحدي الأبرز برأيه في المرحلة المقبلة سوف يتمثل في رفع مستويات الفائدة في الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، وقال إن الإمارات سوف تبادر إلى رفع الفائدة بدورها بالنظر لربط العملة المحلية بالدولار الأمريكي، ولفت إلى أن رفع الفائدة بصورة عامة يؤدي إلى رفع تكلفة التمويل ما يمثل عبئاً إضافياً على النمو الاقتصادي. وضع صحي للقطاع المصرفي وأكد أن القطاع المصرفي بالإمارات في وضع صحي، ولفت إلى أن البنوك سوف تفيد نسبياً من ارتفاع الفائدة خلال المرحلة المقبلة. وحول تطبيق ضريبة القيمة المضافة قال إن فرض الضرائب عموماً يؤدي إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي، إلا إنه قال إن فرض ضريبة بمعدل لا يزيد على 5% ربما لن يكون له انعكاسات سلبية لافتة على إنفاق المستهلك. وأكد أن الضرائب تعد خياراً مهماً وضرورياً لتنويع مصادر العائدات للإمارات. وقال إن طرح ضريبة على الشركات في الدولة ربما لا يكون له تأثير سلبي في التنافسية في حال تم فرض نسبة ضريبة صغيرة ومحدودة.وقال في تقرير حديث للبنك إن الاقتصاد العالمي يظهر حالياً مؤشرات طيبة مستفيداً من النمو القوي للاقتصاد الأمريكي وبيانات الصادرات القوية المسجلة في آسيا والازدهار الذي تشهده أسواق الأصول. ويعود الفضل في كثير من ذلك إلى عدد من العوامل المشتركة، منها ارتفاع أسعار النفط (لكن ليس ارتفاعاً شديداً)، ودورة المخزون الصيني وتوقعات انتعاش الاقتصاد في الولايات المتحدة.ويعود كثير من ذلك إلى تحسن الثقة وعودة ما يعرف ب«المعنويات الغريزية»، أي الدافع العفوي للتصرف بدل التقاعس، لكن المعنويات الغريزية وحدها لن تكفي للحفاظ على تقدم الاقتصاد العالمي على المدى الطويل. فالازدهار الاقتصادي على مدى سنوات عدة يتطلب أسساً جوهرية أفضل وأكثر استدامة لدعم مشاعر الثقة المرتفعة حالياً.كما يجب أن تؤخذ في الحسبان أيضاً مخاطر الأحداث. ورغم أن الاهتمام في هذا الصدد ينصب حالياً على الانتخابات، وخاصة في أوروبا، إلا أن التطور الأهم في الأشهر القليلة القادمة ربما يكون لقاء ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في شهر إبريل. فمن شأن النبرة التصالحية من قبل الزعيمين أن تخفض احتمالات نشوب حرب تجارية وتعزز المعنويات الغريزية أكثر. أما الفشل في إيصال هذه النبرة فقد يوجه صفعة مؤثرة لهذه المشاعر. أسعارالنفط ولا يمكن أبداً التقليل من أهمية دور أسعار النفط في الأجواء الاقتصادية الإيجابية حالياً. فأسعار النفط حالياً في وضع طيب، فلا هي مرتفعة لدرجة تجعلها تضخمية ومعيقة للنمو ولا هي منخفضة لدرجة تسبب دوامة انكماشية وافتقاداً للاستثمار في إنتاج النفط.ونتيجة لارتفاع الأسعار، بدأت أسواق التصدير الآسيوية تستعيد قدرتها التسعيرية. فقد شهدت المنطقة بيانات تصدير قوية بشكل مطرد هذا العام. وتمثل زيادة الأسعار أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه القوة؛ أما زيادة أحجام الصادرات فكان دورها أقل. وفي الدول الآسيوية التي شهدت زيادة في أحجام الصادرات، كانت وجهة هذه الصادرات في أغلبيتها إلى الصين وليس الولايات المتحدة. ومع أن قوة بيانات الصادرات أمر مرحب به، إلا أن الثقة ستتعزز أكثر لو ارتفعت أحجام الصادرات كما ارتفعت أسعارها.وتقدم لنا كوريا الجنوبية معلومات مفيدة عن المسار الذي ستسلكه الصادرات الآسيوية، وذلك باعتبارها اقتصاداً مفتوحاً وتقدم تقارير بيانات صادراتها قبل غيرها. وتظهر البيانات الكورية الجنوبية ارتفاعاً عاماً في الأسعار قائماً على السلع، لكنها تظهر أيضاً ارتفاع صادرات أشباه الموصلات إلى الصين. ويرى بنك «ستاندرد تشارترد» أن الصين تتجنب حصول هبوط حاد عام 2017، مع تباطؤ طفيف لنموها لا ينزل دون 6.6 في المئة.وتكتسب دورة المخزون في الصين أهمية خاصة بالنسبة لبقية الأسواق الآسيوية باعتبارها وجهة رئيسية للصادرات في المنطقة. فبعد سنوات من تصريف المخزون، بدأت دورة المخزون الصيني في التحول عقب انتهاء انكماش مؤشر أسعار المنتجين، الأمر الذي سيمنح دفعة للإنتاج على المدى القصير، مما يزيد بدوره من طلب الصين على الواردات من الأسواق الآسيوية الأخرى. سياسات الاحتياطي الفيدرالي يتمثل التطور المهم هذا العام في السياسات التي سينتهجها الاحتياطي الفيدرالي، وليس سياسات ترامب. وهذه أول مرة منذ شهر يونيو 2004 يتوقع فيها حصول دورة رفع أسعار فائدة مديدة؛ إذ يعتقد البنك رفع أسعار الفائدة مرتين هذا العام ومرتين مطلع عام 2018. وبينما ينصب اهتمام معظم الناس على سياسة التجارة الإنعاشية التي سينتهجها الرئيس ترامب والنمو القوي الذي يتمتع به الاقتصاد الأمريكي الآن، سيعكف الكثيرون في الاحتياطي الفيدرالي على تقييم الخيارات لمواجهة الانكماش القادم عند وصوله. فالوضع القوي حالياً للاقتصاد الأمريكي يمنح الاحتياطي الفيدرالي الفرصة للبدء برفع أسعار الفائدة باتجاه مستوى 3 في المئة، ليكون أمامه فسحة كافية لخفض أسعار الفائدة وتحفيز الانتعاش الاقتصادي عند حصول انكماش ما. بداية حسنة قال ماريوس مارثافيتس إنه رغم المستويات العالية لمخاطر الأحداث، فقد بدأ الاقتصاد العالمي عام 2017 بداية حسنة. إذ عاد أثر المعنويات الغريزية إلى الظهور. ونعتقد أن الاقتصاد العالمي ما زال أمامه متسع للمضي قدماً خلال أرباع السنة القليلة القادمة، لكن الثقة القوية وحدها لن تكفي لاستدامة هذا المسار. فالمؤشرات الإيجابية التي نراها الآن أغلبيتها مؤشرات مؤقتة بطبيعتها ونتوقع أن يؤدي تشديد السياسات النقدية إلى كبح النمو على المدى المتوسط. وسيكون للأحداث أهمية بالغة في الحفاظ على قوة المعنويات الغريزية في الوقت الراهن.