أبوظبي - كونا، «ايلاف» - بدأ ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمس، زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة يلتقي خلالها الرئيس دونالد ترامب، الذي يعتمد في شكل كبير على مشورة ورأي ولي عهد أبوظبي في غالبية ما يتعلق بأوضاع المنطقة، وهو سيلتقيه لهذه الغاية قبيل زيارته التاريخية إلى الرياض.وأكدت «وكالة أنباء الإمارات» الرسمية (وام)، ان الزيارة تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين.وكان الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر أكد في وقت سابق أن ترامب يعتبر الاجتماع مع محمد بن زايد «فرصة لتعزيز التعاون مع شريك أساسي في الشرق الأوسط».يذكر ان زيارة ولي عهد أبوظبي الحالية للولايات المتحدة هي الثالثة له خلال عامين.وحين يجتمع رسمياً الرئيس ترامب مع محمد بن زايد، ، فإن الاجتماع سيكون مع وجه مألوف اعتاد الرئيس الأميركي استشارته في القضايا المهمة ذات الصلة بالمنطقة.وأكدت مصادر مطلعة لجريدة «إيلاف» الالكترونية أن ترامب يرى في محمد بن زايد «مرجعاً أساسياً يعتمد عليه في الحصول على قراءة معمقة وشاملة لأوضاع المنطقة»، لا سيما على أبواب استعداداته لزيارته المرتقبة إلى الرياض.بدوره، أكد مصدر مقرب من مجلس الأمن القومي الأميركي أن محمد بن زايد بات المرجع الأول للرئيس ترامب في الشرق الأوسط، وهو ضمن دائرة ضيقة تعتمد الإدارة الأميركية رأيها في ما يخص أوضاع المنطقة، مشيراً إلى أن ولي عهد أبو ظبي يحظى باحترام كبير في أوساط البيت الأبيض، الذي يطلب مشورته من أجل فهم المتغيرات إقليمياً بشكل أفضل.وأول من يستشعر الأهمية الاستثنائية لهذه الزيارة هو الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يزور واشنطن في اليوم التالي، بعد أيام معدودة من زيارة إلى الصين، حيث اجتمع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.اللقاء بين إردوغان وترامب يأتي بعد فترة طويلة من التوتر حول جملة من الملفات المشتعلة، أهمها الملفين السوري والعراقي، فضلاً عن الملفين الإيراني واليمني، لا سيما أن ترامب سيزور الرياض، ولن تغيب هذه الملفات عن مباحثاته فيها.وكان ولي عهد أبو ظبي عقد اجتماعات عدة مع الرئيس الأميركي وكبار مساعديه في «برج ترامب»، قبيل تولي الأخير منصبه، فيما تشير المصادر إلى أنه لا يزال على اتصال منتظم ودائم بترامب منذ توليه سدة المسؤولية، مشيرين إلى أن زيارته إلى البيت الأبيض تعد جزءاً من حوار مستمر ومتكرر بين رئيس الولايات المتحدة وزعيم عربي بات يمتلك نفوذاً واسعاً في الإدارة التي لا تزال في طور تشكيل استراتيجيتها الشرق أوسطية.ويستند هذا الدور أيضاً إلى الأهمية المتعاظمة لدولة الإمارات، سياسياً واقتصادياً، حيث تشير بعض الأوساط السياسية والديبلوماسية إلى أهمية الدور الذي تلعبه الإمارات على المستوى الإقليمي والدولي، مؤكدة أن هذا الدور، مضافاً إلى تحالفها القائم مع السعودية ومصر، يشكل رافعة كبرى للعلاقة مع واشنطن، خصوصاً في ظل سعي الأخيرة إلى كبح جماح التوسع الإيراني وإلى محاربة الإرهاب، ما يجعل من الإمارات حليفاً استراتيجياً طبيعياً لتنفيذ هذه الأهداف، وتجنيب المنطقة مخاطر الانهيار واتساع رقعة الدول الفاشلة.يشار إلى أن عجلة العلاقات الأميركية-الخليجية دارت مجدداً وبشكل سريع بعد ثمانية أعوام من دوران بطيء أقرب الى الجمود في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.وكانت سفارة الإمارات في واشنطن شاركت بنشاط ملحوظ في فرض «قوتها الناعمة» داخل المجتمع الأميركي، عبر دعم مستشفيات الأطفال، وتمويل أنشطة رياضية شتى في مناطق محرومة، وتوفير الإغاثة لضحايا الأعاصير وغيرها من الكوارث الطبيعية، فيما يمثل ولي عهد أبو ظبي أحد أكثر السفراء فعالية في واشنطن، وهو يوسف العتيبة، الذي يحظى بتقدير واسع في دوائر الفكر والسياسة والإعلام. وقلب ترامب وقادة الخليج توقعات الكثيرين، الذين راهنوا على توتر العلاقات أكثر في العهد الأميركي الجديد. وحسب مصادر واشنطن، فإن حملة هيلاري كلينتون كانت تعمل على التحذير من نجاح ترامب طوال موسم الانتخابات خصوصا خارج اميركا، وكذلك حاولت الماكينات الايرانية و «الاخوانية» لعب دور في بث الاشاعات من أجل إيهام الرأي العام العربي والخليجي أن نهج ترامب سيكون أكثر سوءاً من المنهج الذي اتبعه أوباما حيال الدول العربية في السنوات الماضية.وقبل اجتماع ترامب وبن زايد، اجتمع الرئيس الاميركي بولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني. ومع لقاء بن زايد وترامب، يكون الاخير اجتمع بقادة الدول العربية التي يصفها بالاعتدال، ويعمل لتشكيل تحالف لمحاربة الارهاب معها من أجل اكمال جسر التعاون العربي - الاميركي، وذلك حسب مستشار ترامب للسياسة الخارجية إبان الانتخابات وليد فارس.وسلط فارس الاضواء على الدور الذي تلعبه الامارات في إعادة الدفء الى العلاقات الأميركية - الخليجية، وانعكاس هذا الدور على مستقبل منطقة الشرق الاوسط برمتها.واعتبر فارس «أن الزيارة الاميركية للشيخ محمد بن زايد، أحد كبار قادة الخليج، ستكون لها أبعاد مهمة على صعيد التنسيق بين الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة لمحاربة الفكر المتطرف، الذي كرست له قيادة الامارات جهدًا كبيرًا لمكافحته عن طريق مراكز الابحاث، والخطاب التجديدي المضاد للأيديولوجيا المتطرفة». اضاف: «البعد الثاني المهم الذي سيحظى بإهتمام ترامب وبن زايد يتجلى في مواجهة التدخل الايراني المتزايد في العراق وسورية واليمن ولبنان وخطره على أمن الخليج والدول العربية».وأعاد مستشار ترامب التذكير باللائحة التي وضعتها الامارات للمنظمات الارهابية قائلاً: «الامارات كانت سباقة في وضع لائحة شاملة بالمنظمات التكفيرية، وتلك المرتبطة بالكيانات الارهابية المدعومة من ايران، وتعتبر هذه اللائحة من أكثر اللوائح دقة في العالم».