بعض النساء العربيات فيهن (فحولة)، وأقصد بالفحولة قوة الشكيمة والثقة بالنفس، بعكس بعض الرجال.قال لي أحدهم إن (دهبان بن غلبان) قال: جلست ذاك النهار، أفلس من سمسار، فجاءني الساعي بجواب من البلد مسجل وبه حوالة دفعها معجل فقلت: سق أيها الأوسطة إلى دار البوسطة، فقبضت عشرين جنيها ووقفت أتيه تيها، فلقيت فتاة ذات قوام مياس ونهد كأنه القلقاس، وقد وقفت في الركن كأنها آية، وأمامها الريشة والدواية وبيدها ظرف وجواب، كأنها تريد أن ترسله إلى أحد الأحباب.فقلت لها: أريد أن أكتب لك هذا المكتوب، ولست أريد منك عليه أجري، فأجابتني: أشكرك، فقلت: وكتّاب الشوارع ليس فيهم أمين حافظ للناس سرًا، فأجابتني: قبحهم الله، ثم ولتني ظهرها، وأخذت تكتب بلغة إفرنجية، فلما فرغت التفتت إلي وسألتني: أأزهري أنت؟!، قلت: إي والله، أشاعر أنت؟! قلت نعم، ألغوي أنت؟! قلت أجل، فرفعت هامتها وقالت: إذن عليك أن تسمع:أنت يا عمرو أحمق وبليد - ورقيع وبارد وجهولوغبي وخاطئ وسخيف - وحمار من الحمير هزيلولجوج ومنتن ودعي - وغوي ودلدل وثقيلوإذا ما رأوك في السوق قالوا - ذاك العجل قد نفته العجولفقلت لها: تالله لقد أحسنت يا سيدتي، وإذا كنت شاعرة موافية فأمسكي المعنى وغيري القافية. فقالت: أنت يا عمرو ابالة وبلاء وتفالهوقوي وجبان ورغام وزباله وسقيم وشتيم وصداع وضلالهوسفيه وظليع وفضول وكلاله وهباء وهراء ويتيم لا أبا لهفقلت لها: لله درك يا حلوتي، زيديني زادك الله من فضله:فقالت: إذا لم يكفك كل هذا الهجاء، فليس لك إذن غير الحذاء، فانحنت وهمت فعلاً أن تقلعه، فأنشدها سريعًا شعرًا هذا مطلعه:ألا يا خيرة المتعلمات - وسيدة النساء السيداتشتمت فما رددت عليك قولا - لأنك من خيار الشاتماتولو كانت فتاة ذات ذيل - وخلخال من المتشخلعاتوقالت نصف ما قد قلت فينا - لكانت في عداد النائحاتفكيف وأنت ترتجلين شعرًا - فصيح اللفظ والمترادفاتوأنت تفضلين علي رجال - ذوي فضل بمعرفة اللغات فتركتني وركبت (الترامواي)، وأطلت منه وقالت لي وهي تبتسم: (باي باي)، فعدوت خلفها أجري، فسقطت المحفظة من حيث لا أدري، فلما طال طريقي ونشف ريقي، وضعت يدي على جنبي، والأخرى على قلبي، ثم ناديت بائع العرقسوس، فلم أجد الفلوس - انتهىإذا لم أغلط أنا عندما وصفتها (بالمرأة الفحلة).