مصر الحضارة والتاريخ.. مصر ولادة العباقرة في مختلف المجالات.. لا يمكن أن تكون كثير السفر وأم الدنيا غير موجودة في أجندتك.. عندما تسافر إلى الشقيقة مصر تشعر بالراحة والاطمئنان والكثير من السعادة.. قبل فترة ذهبت إلى مصر وعند تجولي في شارع جامعة الدول العربية اعترضني متسول بكامل صحته وقواه العقلية فتسامرت معه نجر أطراف الحديث، والمفاجأة أن الرجل كان مثقفاً إلى مدى بعيد واستغربت وصوله إلى هذه الحالة، ولما سرد لي الأسباب ومن ضمنها البطالة وغلاء المعيشة وصعوبة الحياة لم أكن أؤمن بهذه الأسباب وبرأيي الرجل يريد الحصول على المال دون تعب بغض النظر عن كرامته الإنسانية وحقوقه البشرية، وقد قلت له ذلك إلا أنه تضايق وفكر بالهرب من المكان كله، لكنني أصررت عليه أن يجلس ونستمر في الحديث عن الحبيبة مصر وتصوره عن كيفية تطورها وازدهارها، ولما تحدث جاءني شعور أن من يتحدث أحد مثقفي مصر وكبار مفكريها، وكلما نظرت إلى ملابسه قل إيماني بفكره وطرحه وهذه حقيقة لأننا تعودنا التنظير من أصحاب الكرافتات والبدلات الفرنسية..!وبعد حديث دام لأكثر من ساعة استفدت الكثير الكثير وتوصلت إلى قناعات كثيرة أن مشكلة مصر تكمن في من لا يريدون أن يكون هناك شعب حاصل على حقوقه ومطالب بواجباته على أكمل وجه حتى يكون جل تفكيره هو توفير لقمة عيشه اليومية، وإذا ما أراد أن يحلي حياته في السكر فعليه أن يتنازل عن ثلاثة أرباع الراتب لارتفاع سعره!مصر تغص بالمشاريع التنموية التي من الممكن أن توظف نصف الشباب الباحثين عن عمل وبراتب أكثر من جيد.. الاقتصاد المصري جيد في ظل الدعومات والصناديق الاستثمارية لكنها لعنة الانتهازيين التي تلاحق كل الشعوب العربية.. مصر لديها سياحة يستطيع الشعب المصري كافة أن يحصل من خلالها على حياة كريمة لكنها مصلحة الضرائب التي تريد تأمين حياة الكبار وأبنائهم إلى قيام الساعة..هناك مشاريع إسكانية تقدم فيها الأراضي دون الاهتمام بالمواطن البسيط الذي يحلم بشقة صغيرة له ولأفراد أسرته.. وما زال المتسول يقود الحديث بسرعة كبيرة، ولكنني كنت مجبراً على إيقافه وذكرت أن سبب هذه المصائب هي الحالة السياسية التي عاثت في أراضينا العربية فساداً، ومنها بلا شك جمهورية مصرالعربية.. ولكن رده علي كان قاسياً وغير متوقع حين قال إن الشعب المصري تجاوز التسعين مليوناً وبرأيك المهتمون بالسياسة كم عددهم فقلت عشرين مليوناً، فقال يا باشا سبعون مليوناً لا يريدون سوى العيش بأمن وأمان وأن تتوافر لهم حياة كريمة كما أمرنا الله ورسوله فهل هذا مطلب مستحيل؟، ثم حاولت مباغتته بسؤال هل تتمنى عودة الرئيس حسني مبارك؟، فتنهد قائلاً ألف نور ورحمة عليك يا أبو علاء فقد كان في عهده استقرار اقتصادي والناس تنعم في الأمن والأمان...ثم قلت له اليوم الرئيس عبدالفتاح السيسي يجتهد لإسعاد مصر والمصريين وعليكم أن تعطوه فرصة حتى يعالج الملف الاقتصادي بعد أن أعاد لكم الأمن والأمان وأرى الرجل مجتهداً داخلياً وخارجياً وعلى الشعب المصري أن يلتف حول قيادته السياسية وألا ينجرف وراء الإعلام الفاسد الذي يسعى لتمزيق وحدة الصف المصرية... بعد ذلك قال لي الرجل يا باشا عايز أروح أنام فطلبت له سيارة أجرة على حسابي حتى يذهب للنوم، ولما ركب السيارة قام السائق بتشغيل أغنية بهاء سلطان «الواد قلبه بيوجعو عايز حد يدلعو».meshal-alfraaj@hotmail.com