مارلين سلوم «إرهاب» و«عنف» و«تطرف» و«داعش» و«تنظيمات إرهابية» و«جماعات تكفيرية».. كلها كلمات تتردد كثيراً ويتداولها الناس في كل مكان، وربما حققت الرقم القياسي في الأكثر تداولاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كلمات تحمل أوجاع العالم ومخاوفه اليوم. كلنا، شرقاً وغرباً، نتشارك في هذا الهمّ وهذا الألم، ونحلم بالقضاء عليه في أسرع وقت، والكل ينظر إلى المسؤولين والرؤساء لمعرفة ما الذي سيفعلونه، وإلى أين ستصل قراراتهم من أجل شن حرب قاضية على الإرهاب وتنظيماته.ننظر إلى أصحاب مواقع المسؤولية فقط، بينما يفوتنا أننا شركاء أيضاً في صناعة هذا القرار، وفي شن الحرب العالمية الحديثة، وهي الحرب الحقيقية التي علينا أن نعترف بها. نحن شركاء في محاربة الإرهاب من موقعنا ووفق إمكانياتنا، فالوسائل الإلكترونية بين أيدينا، وإذا كانت هي الطرق التي يتسلل من خلالها الإرهابيون وتنظيماتهم إلى عقول الناس، فلماذا لا نحاربهم بهذا السلاح؟ نخاف من انتشاره، ونخاف على أبنائنا ومجتمعاتنا وأوطاننا وحاضرنا ومستقبلنا من الفكر المتطرف ومن قتل الإنسانية والوسطية والتآخي والفكر المستنير.. لماذا لا نجند عقولنا لخدمة الإنسانية؟ لماذا لا نكون شركاء في محاربة الإرهاب وسلاحنا وسائل التواصل الاجتماعي؟ لماذا لا ننفتح على الآخرين وننبذ التمييز والعنصرية والطبقية وإهانة الجنسيات والديانات..؟ تستوقفنا دعوة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أول أمس في ملتقى «مغردون الخامس» في الرياض، وتحت عنوان «محاربة التطرف والإرهاب»، إلى «تجريم المحتوى المتطرف والإرهابي المنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي»، فالتجريم في هذه الحالات لا يعتبر حجراً على العقول، ولا تضييقاً أو سجناً لحرية الرأي، بل هو تضييق الخناق على الفكر المنغلق المستبد الصانع والدافع للإرهاب، كي لا يزداد التطرف انتشاراً وتغلغلاً في عقول البسطاء والشباب وقليلي الإيمان أو التائهين الباحثين عن أنفسهم في هذا العالم.الإرهاب لا دين ولا جنسية له بدليل أن دولاً أوروبية خرج منها متطرفون، و60% من المنضمين إلى تنظيم «داعش» قدموا من أوروبا.. حقائق يتحدث عنها سموه تؤكد أننا في حرب عالمية يستخدم فيها الإرهابيون الوسائل الإلكترونية للقضاء على الأبرياء، فلماذا لا نحاربهم بنفس السلاح؟ ولماذا نترك العالم الإلكتروني مرتعاً لهم وللمروجين لأي فكر متطرف دون حساب؟هناك موجات من الكراهية تنتشر عبر «فيسبوك» و«تويتر» وغيرهما، البعض يشارك فيها بغير وعي، فيسير في ركب القافلة دون أن ينتبه إلى أين تقوده. والبعض الآخر يدعي معرفته بخفايا الأمور، وبأنه يفقه في كل شيء، فينشر أفكاراً مغلوطة ويصدر أحكاماً غير صائبة، ويسمح لنفسه بتكفير الآخرين وتحليل وتحريم ما يشاء. والبعض الثالث يعرف ماذا يفعل، ويستغل «المغفلين» ليقودهم باتجاه التطرف تحت مظلة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. بيدنا سلاح خطر، إما أن يستغلوه ليقتلونا به، أو نستغله للقضاء عليهم قبل فوات الأوان. marlynsalloum@gmail.com