القاهرة: سيد الخمار قريباً يصدر الكاتب المصري محمد أبو رحمة «قاموس اللغة المصرية القديمة» ويتكون من عشرة آلاف صفحة من القطع الكبير، وهو حصيلة دراسة استمرت ثلاثين عاما، فمنذ أربعين عاما كان يعمل بالإرشاد السياحي وتخصص في اللغة الألمانية، ووجد نفسه في خضم عالم غريب وجديد، فقرر السفر إلى برلين للدراسة الأكاديمية.عاش سنوات هناك يبحث في تفاصيل علم المصريات حتى أجاد اللغة الألمانية وترجم كافكا، ثم يعود لمصر ويدرس علم المصريات والآثار المصرية، ويصدر أكثر من عشرين كتابا في الحضارة المصرية. كيف تخصصت في علم المصريات؟ أمضيت سنوات عمري في أروقة الكتب والمعابد والآثار والمكتبات العالمية وكليات المصريات في ألمانيا والنمسا، وخرجت بحقيقة موثقة هي أن لمصر أدباً قومياً قديماً، وأنه أقدم من الأدب الإغريقي، وإذا كانت كتابات هوميروس هي أول وأرقى ما عرف عن أدب الإغريق فإن الأدب المصري أقدم، ويمكننا أن نعطي مثلاً منه في كل أطواره، وسنجد أنه أدب لا يقتصر على النقوش الدينية وتدوين الحقائق والمقالات العلمية، لكنه يتعدى ذلك إلى مؤلفات لها قيمتها الأدبية. وماذا عن طبيعة هذا الأدب؟ الأدب المصري من النوع الغنائي أو العاطفي، كما أن النوع القصصي كان بارزاً فيه، ويلي ذلك الأدب العلمي والحكم والأمثال (التأملات) وليس من شك في أن الأدب الغنائي قد نبت في التربة المصرية، لأنه يضرب بعروقه إلى ما قبل ظهور الكتابة، وقد قال (هنري برستيد) إن تاريخ نشأة الأدب المصري يعود إلى منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد، بعد أن اكتشف أحد النصوص الأدبية التي دونها المصريون في ذلك العصر القديم، وهذا النص عبارة عن مسرحية يقول عنها (برستيد) في كتابه «فجر الضمير»: «هذه المسرحية تعتبر بلا شك أقدم ما عرف من نوعها». ويضيف بأن هذه المسرحية أعطت لنا: «..صورة من أفكار أقدم بني البشر لم يصل إلينا مثلها مدونة إلى الآن». ولم يعرف العالم - حتى الآن - نصوصاً دينية أقدم من «متون الأهرام». هل كان إخناتون يكتب الشعر فعلا؟ نعم بل ولعل ظواهر شعراء العامية على مدار التاريخ المصري تستمر من جيل لجيل، ولم يكن صلاح جاهين والأبنودي وسيد حجاب سوى امتداد طبيعي للبليغ العبقري القائد المعلم الفذ والفيلسوف إخناتون نعم بلغ الأدب المصري قمة عالية عظيمة، ونظم المصريون (القدامى) آدابهم شعراً ونثراً، حتى إن (إخناتون) كتب شعراً بالعامية المصرية في القرن الخامس عشر قبل الميلاد ومنها «شكوى الفلاح الفصيح» و«قصة الأخوين» و«أشعار إخناتون»، وغيرها من الأعمال الأدبية الرفيعة. «الأدب المصري القديم هو الأكثر عراقة بين ما عرفته البشرية من آداب، وهو من أرفعها شأناً وأكثرها تنوعاً» هذا ما جاء بكتاب «كلير لالويت»: «الأدب المصري القديم». كيف تخصصت في ترجمة الأدب الألماني؟ قال الكاتب الكولومبي الشهير «جابرييل جارسيا ماركيز» إن ما جعله يرغب في كتابة القصص والروايات طَوال حياته، كانت هي العبارة الأولى من قصة التحوُّل (أو المسخ) لفرانز كافكا، تلك العبارة جعلتني أخوض بحر أدب كافكا، وهو أديب مؤسس لفن الرواية في العالم وقد أحببت كلماته حتى توحدت معه تقريبا.كانت الجملة تقول: (ذات صباحٍ، أفاق جريجور سامسا من أحلامٍ مزعجة، ليجد نفسه وقد تحوَّل في فراشه إلى حشرة رهيبة)أمام هذا التحوُّل المعروض بكل بساطة في السطر الأوَّل من القصة اقشعرَّ بدنُي قررت ترجمة ما كتب فرانز كافكا، وكانت الترجمة الأولى هي المحاكمة، وتدور أحداثها حول شخصية تحمل اسم «جوزف. ك» يستيقظ ذات صباح، ولأسباب لا تذكرها الرواية، يتم اعتقاله ومقاضاته على جريمة لم تحددها الرواية، وبحسب صديق كافكا «ماكس برود»، فإن كافكا لم ينه الرواية، وأوصى أن يتم حرقها بعد موته، وقد خالف برود إرادته، وقام بتحرير المخطوطة، إلى ما رآه رواية مفهومة ونشرها عام 1925 ثم قام المخرج أورسون ويلز عام 1962 بتحويل الرواية إلى فيلم سينمائي بطولة أنطوني بيركنز (بدور جوزف. ك) ورومي شنايدر، أما الثانية فهي رواية «المسخ»، رواية قصيرة نُشرت لأول مرة عام 1915، وهي من أشهر أعمال القرن العشرين، وأكثرها تأثيرًا، حيث تتم دراستها في العديد من الجامعات والكليات في العالم الغربي، وقد وصفها الكاتب البلغاري إلياس كانيتي بكونها «أحد الأعمال القليلة الرائعة، وأحد أفضل أعمال الخيال الشعري المكتوبة في هذا القرن». وماذا عن أحدث أعمالك في الترجمة وعلم المصريات؟ خلال أسابيع يصدر لي قاموس اللغة المصرية القديمة وأكتب فيه منذ ثلاثين عاما.