×
محافظة المنطقة الشرقية

انتخابات بريطانيا : ما العوامل التي ستحكم تصويت البريطانيين العرب؟

صورة الخبر

يعتبر الوسواس القهري حالة شائعة في مجال الطب النفسي، ويستحوذ على المصاب فيلحقه بسلوك جبري يظهر بتكرار لدى الفرد، ويتميز هذا النوع من الاضطرابات باستحواذ أفكار ومخاوف غير منطقية تؤدي إلى تصرفات قهرية. وغالباً ما يدرك الأفراد المصابون أن تصرفاتهم الوسواسية ما هي إلا تنفيذ لأفكار تسلطية غير منطقية، فيسعون جاهدين لتغييرها أو لتجاهلها، ولكن سرعان ما تبوء محاولاتهم بالفشل، إذ إن ذلك يضاعف من احتدام الضائقة والقلق، لذا فإن السلوك القهري يعتبر الحل الوحيد لديهم للتخفيف من الضائقة وللتخلص من الأفكار التسلطية. وقد يتمحور الوسواس القهري حول الخوف من الإصابة بعدوى الجراثيم، أو قد يتخذ أشكالاً أخرى تؤدي إلى تصرفات تأخذ طابع المراسم والطقوس التي تصبح إلزامية، وتمثل حلقة قاسية ومؤلمة تميز اضطراب الوسواس القهري.يتميز اضطراب الوسواس القهري بأعراض وسواسية وقهرية على حد سواء، وتتمحور الوساوس بشكل عام حول عدة أمور، تتمثل بعضها في الخوف من الاتساخ، فيصاب المريض بالتهابات جلدية من جراء الغسيل المستمر للأيدي وبوتيرة عالية، أوقد تتمثل في الحاجة إلى الترتيب، أو تظهر رغبات عدوانية جامحة، وقد يراود المصاب أفكار أو تخيلات جنسية أو إباحية، ويمكن أن يعاني رهاب الإصابة بالعدوى نتيجة مصافحة الآخرين، أو ملامستهم أو ملامسة أشياء بعد الآخرين، وقد تراوده شكوك حول ما إذا قام بإقفال الباب أو بإطفاء الأجهزة الكهربائية على سبيل المثال. وفي بعض الأحيان، قد تراود المصاب مخاوف من التسبب بأذى لآخرين أثناء قيادة السيارة، أو قد تنتابه رغبة في الصراخ الشديد، وغالباً ما يعاني المصاب تساقط الشعر، أو الصلع الموضعي نتيجة لنتف الشعر في حالات مستعصية.أما التصرف القهري، فقد تشمل أعراضه تكرار السلوكيات بشكل متواصل، بحيث يصعب على المصاب التخلص من الشكوك التي تدفعه لتكرار أفعاله، فيفحص مصاب الوساوس القهري الأشياء فحصاً متكرراً، فيفحص مثلاً الأبواب ليتأكد من أنها مغلقة، أو يفحص الأجهزة الكهربائية في البيت للتأكد من أنها مطفأة، ويمكن أن تتكرر هذه الحالة مراتٍ ومراتٍ عدة بشكل غير طبيعي، وقد يكرر بعض الكلمات المعينة أو قد يقوم بتصرفات معينة للتخفيف من توتره، ويمكن أن يمضي مريض الوسواس القهري وقتاً طويلاً في التنظيف والغسيل، وتكون له طريقة معينة في ترتيب أغراضه وحاجاته، إضافة إلى انه يمكن أن ينخرط في الطقوس الدينية بشكل غير طبيعي، وأداء الصلاة بشكل متكرر بدون الشعور بالسكينة، أو قد يحتفظ بأشياء غير مهمة لأسباب غير مفهومة.أسباب وعوامل لم تثبت الدراسات حتى الآن أسباباً واضحة لاضطراب الوسواس القهري، أما النظريات المركزية بشأن العوامل المسببة المحتملة لاضطراب الوسواس القهري، فتشمل عوامل بيولوجية، حيث تتوفر بعض الأدلة التي تشير إلى أن اضطراب الوسواس القهري هو نتيجة لتغير كيماوي يحصل في جسم الشخص المصاب، أو في وظائف الدماغ، كما أن هنالك أدلة على أن اضطراب الوسواس القهري قد يكون مرتبطاً أيضاً بعوامل جينية وراثية معينة، لكن لم يتم تحديد وتشخيص الجينات المسؤولة عن اضطراب الوسواس القهري. ويمكن أن تتضمن المسببات عوامل بيئية، حيث يعتقد بعض الباحثين أن اضطراب الوسواس القهري ما هو إلا نتيجة عن عادات وتصرفات مكتسبة مع الوقت، أو أنه يمكن أن يكون ناجماً عن نقص في مادة السيروتونين، وهي أحد الناقلات العصبية التي تلعب دوراً حيوياً في تنظيم مزاج الإنسان وتنظيم بعض أجزاء من الدماغ. هنالك أيضاً بعض الإثباتات على أن نقص هذه الناقلات العصبية قد يكون أمراً وراثياً، وهو ما يرجح احتمال أن تكون الإصابة بهذا المرض أمراً وراثياً مولوداً. وقد كشفت بعض الدراسات أن بعض الأجزاء في الدماغ تتأثر بنقص السيروتونين، ما يؤدي للإصابة بالوسواس القهري، حيث إن هذه المشكلة تتعلق بالقنوات الدماغية التي تربط المنطقة المسؤولة عن الحكم على الأمور والتخطيط، والمنطقة التي تقوم بتصنيف وانتقاء الأوامر الدماغية المتعلقة بتحريك أجزاء الجسم المختلفة. وكشفت بعض الأبحاث وجود علاقة للجرثومة المكورة العقدية التي تسبب نوعاً معيناً من التلوث بالإصابة بالحالة، وفي حال لم يتم علاج هذا التلوث، فإن من شأن ذلك أن يؤدي لإصابة المريض بالوسواس القهري، وقد يسبب اضطرابات أخرى لدى الأطفال.وأشارت أبحاث إلى أن العوامل البيئية تلعب دوراً فاعلاً في الإصابة بالوسواس القهري، فقد تعددت العوامل التي يمكنها أن تسبب الإصابة بالحالة لدى الأشخاص الأكثر قابلية للإصابة به، إضافة إلى أن هنالك العديد من العوامل البيئية التي يمكنها مفاقمة الوضع بشكل ملحوظ، وتشمل هذه العوامل التعرض للتعذيب وتغير الظروف الحياتية والإصابة بالمرض، أوموت أحد الأحباء والمشاكل التي قد تواجه الفرد في العلاج أو التعليم أو كثرة القلق المستمر من وضع معين.العلاج لا يعلم الكثيرون أن الوسواس القهري يعتبر مرضاً حقيقياً يرتبط باختلالات كيميائية تحدث في الدماغ، وقد تكون في بعض الأحيان وراثية، حيث يكون هنالك اضطراب في الاتصال بين الأجزاء الأمامية للمخ وبين الأجزاء الأكثر عمقاً، وهي العملية التي يمكن أن تُفقد المرء قدرته على التحكم في بدء وتوقف الأفكار. يعتبر الوسواس القهري من الاضطرابات النفسية المعقدة، فيكون علاجه معقداً نوعاً ما، وفي بعض الحالات قد يجدي نفعاً، والعلاج في حد ذاته عملية معقدة وغير مضمونة النجاح في جميع الحالات، وفي بعض الأحيان، قد تكون هنالك حاجة إلى علاج متواصل يستمر لمدى الحياة. وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن يكون علاج الوسواس القهري مفيداً للحد من أعراض المرض للتعامل معها ومواجهتها ومنعها من السيطرة على مجريات الحياة بشكل عام.هنالك نوعان أساسيان يتم اتباعهما في علاج الوسواس القهري، أولهما العلاج النفسي ومن ثم العلاج الدوائي، ويختلف العلاج الأفضل وفقاً للحالة المرضية للمصاب إضافة إلى وضعه الشخصي وسجله المرضي، ويعتبر الدمج بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي من أكثر الطرق فعالية. ويتمثل العلاج النفسي في مخاطبة المريض ومحاولة تغيير أفكاره وتصرفاته المرضية إلى تصرفات وأفكار سليمة، أما العلاج الدوائي فيكون من خلال إعطاء المريض الأدوية المناسبة لحالته كمضادات الاكتئاب. وهناك طرق أخرى في علاج الوسواس القهري، تتمثل في إدخال المريض إلى قسم الأمراض النفسية أو المعالجة بالتخليج الكهربي، وهي نوع من أنواع المعالجة التنبيهية للدماغ لتنشيطه بطريقة مباشرة على نحو مباشر، باستخدام الكهرباء أو أنواع من المغناطيس أو الزرعات التي تعمل على علاج الاكتئاب وغيرها من الاضطرابات الدماغية، أو عن طريق التحفيز المغناطيسي للدماغ أو التحفيز العميق، مع العلم انه لم يتم حتى الآن اختبار بعض هذه الطرق بشكل سريري، إلا أنها يمكن أن تكون فعالة جدا في العلاج من الحالة، ولذا ينبغي التأكد من فهم وإدراك إيجابياتها وسلبياتها والمخاطر المترتبة عنها.