الشارقة:أحمد راغب نظَّمت إدارة الشرطة المجتمعية في القيادة العامة لشرطة الشارقة، في غرفة تجارة وصناعة الشارقة، ندوة بعنوان «التسامح طريقك للسعادة»، بحضور العميد عبد الله مبارك بن عامر، نائب القائد العام لشرطة الشارقة، والعميد عارف الشريف، المدير العام للموارد والخدمات المساندة، والعميد عمر السويدي، نائب المدير العام للعمليات الشرطية، والعميد خليفة المري، نائب المدير العام للموارد والخدمات المساندة، والعميد علي النداس، مدير إدارة الشرطة المجتمعية، وعدد كبير من كبار الضباط والمسؤولين، وضباط الصف والأفراد وممثلي وسائل الإعلام.تضمنت الندوة أربع أوراق عمل، الأولى عن «الانعكاسات الأمنية للتسامح»، وقدمها الرائد عبد الله علاي، رئيس مركز شرطة الصناعية الشامل، والورقة الثانية جاءت بعنوان «التسامح الأسري والاجتماعي مفتاح السعادة»، وقدمها الدكتور عبدالعزيز الحمادي، مدير إدارة التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع، والثالثة قدمها هزاع النعيمي، رئيس جوائز ومبادرات التميز ببرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، بعنوان «التسامح الوظيفي ومردوده على إنتاجية العمل» والورقة الرابعة بعنوان «الإسلام دين التسامح»، قدمها الدكتور عزيز العنزي، مدير إدارة التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع.وأكد العميد ابن عامر، أن التسامح سمة من سمات دولة الإمارات، وهي سبَّاقة في نشره، بل استطاعت جمع مختلف الجنسيات والأعراق والأديان على أرضها في تسامح تام، وَسنت القوانين التي تسهم في حفظ الحقوق والحريات واحترام الإنسان، واستحداث وزارة للتسامح في خطوة متفردة تؤكد نهجها الثابت والدائم في دعمه، مشيراً إلى أنه قيمة إنسانية عظيمة، وهي مفتاح للأمن والأمان واستقرار الشعوب.وأكد الرائد علاي في الجلسة الأولى، أن هناك فوائد عدة للتسامح، من المنظور الأمني، منها انخفاض عدد الجرائم والبلاغات بين المتخاصمين، وانعدام الكراهية بينهم يولد الإيجابية، وبناء مجتمع صحي متسامح يعمل مع الشرطة تحت اسم الشرطة المجتمعية، والتواصل الدائم مع الأجهزة الأمنية بشكل فعال لثقة المجتمع بها، ووجود مجتمع آمن وسعيد.وأشار إلى أن الشرطة تبذل جهوداً للصلح بين المتخاصمين، انطلاقاً من مبدأ التسامح، وبما يرسخ روح المحبة، حيث توصل موظفو القيادة إلى نسبة تسامح بين المتخاصمين، بلغت 35.08 عام 2015، في حين شهد العام الماضي نسبة بلغت 35.68، في خطوة مهمة تستهدف حل المشكلات.ووصل عدد البلاغات إلى 21314 بلاغاً، حوّل منها 13709 إلى القضاء وأجري الصلح في 7605 بلاغات، وهو النهج الذي تتبعه القيادة لخفض القضايا بين الخصوم.وأكد الدكتور الحمادي في الورقة الثانية، أن بناء الأجيال يعتمد على الأسرة والمدرسة والمجتمع حيث تعد عوامل أساسية لتشكيل شخصية الفرد وبناء الجيل الواعي والمثقف، إلا أن هناك تحدِّيات تواجه الأسرة القيادية كطغيان النظرة المادية «غياب الإيمان»، وضغوط الحياة وانشغال الأبوين، وثورة الاتصالات والمعلومات «المؤثرات الخارجية»، والانفتاح اللامحدود على الثقافات، وانخفاض أثر المدرسة والجامعة والأسرة، وتراجع القيادة والقدرة على التأثير داخل الأسرة، وتغير المرجعيات وتأثرها (الأم الواعية، المعلم المخلص، القدوة).وشدد على ضرورة حماية الأبناء وتحصينهم، عبر دور الأب والأم، وأن يكونوا القدوة الحسنة في تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات وعدم اليأس، وتوفير كل مشاعر الحب والحنان والتعامل بواقعية، وترسيخ ثقافة الاعتذار التي بدورها تؤدي إلى نشر التسامح بين أفراد المجتمع، فالكل يخطئ ولكن خيرهم من يبدأ بالسلام، ويكون التسامح هو القيمة الحقيقية للفرد.وأكد النعيمي، في الورقة الثالثة، أن هناك عناصر رئيسية لمفهوم التسامح كالعفو عند المقدرة، واستعرض المبادئ الرئيسية لمفهوم التسامح، كاحترام التنوع واختلاف الثقافات، والحريات والحقوق الأساسية للآخر،وأشار إلى ضرورة التسامح الوظيفي في تقبل الاختلاف مع الزملاء بعقل متفتح، واستثماره في إغناء الخبرات والتجارب للموظف والزملاء، دون التفرقة أو الإساءة بناء على عرق أو دين أو منصب وظيفي.وأشار إلى أن دولة الإمارات رسخت التسامح واتخذته نهجاً، في ظل وجود جنسيات متعددة على أرض الدولة تعيش بتسامح واحترام، وساعد على ذلك عوامل عدة، أهمها ما زرعه المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان، طيَّب الله ثراه، في نفوس الجميع، كما أن هناك عوامل أخرى، كدستور دولة الإمارات، ووجود وزارة التسامح، وجائزة عالمية للتسامح، والمعهد الدولي للتسامح، والبرنامج الوطني للتسامح، ومرسوم مكافحة التمييز والكراهية، والميثاق الإماراتي في التسامح والتعايش والسلام.وشدد على ضرورة التسامح في مكان العمل لما له من أهمية، كتعزيز العمل بروح الفريق الواحد، والاندماج والأمان الوظيفي، وزيادة إنتاجية الموظف، والابداع والابتكار والتفكير الايجابي. واختتم الشيخ العنزي، بالورقة الرابعة، والتي أكد خلالها أن الإسلام دين التسامح، فالله سبحانه وتعالى دعا في كتابه العزيز إلى الصفح والتسامح، وهو لا يقتصر مسائل بسيطة، وإنما يشمل القضايا الكبرى، كما أن الشريعة دعت إلى ألا يستقصي الإنسان حقه، فإذا كان لديك حق عند الآخرين، فإن الشريعة تدعو إلى الصلح، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام مارس التسامح مع غير المسلمين، فاليهود سمموا النبي، ومع ذلك عفا عنهم وصفح، وهو ليس قضية في إطار أهل الإسلام فقط، بل تتجاوز الحدود والأقطار والملل والمذاهب، ونبينا وضع أسس التسامح وقواعده، والشريعة دائماً تدفع المسلم إلى الصفح والعفو، فمن سامح وصفح ينام قرير العين.وأشار إلى ضرورة أن نزرع التسامح في نفوس الطلبة منذ نعومة أظفارهم، عبر المناهج التعليمية والتربية الصحيحة، وضرورة تكريس هذا المبدأ بما يحافظ على النسيج المجتمعي، ولا بدّ لكل مسلم أن يسهم في قضية الصلح. مشيراً إلى أنه ينبغي أن يعلم الجميع أن ديننا ذهب إلى أبعد نقطة في التسامح، فيجب ألا نتسامح تسامحاً جزئياً، أو موسمياً، فأحياناً يشعر بعض الناس أن الصلح مسألة موسمية قبل رمضان على سبيل المثال، لذلك يجب أن يكون التسامح سلوكاً عاماً، وليس موسمياً، بل يندفع إليه الإنسان طلباً لرضا الله سبحانه وتعالى، والرسول عليه الصلاة والسلام هو النموذج في التسامح، وقريش مارست مع النبي ممارسات غير أخلاقية، لكن عندما أتيحت فرصة الانتقام، خلال فتح مكة، جاء بهم النبي ينتظرون كلمة العدل فيهم، قال لهم «لا تثريب عليكم»، وعفا عنهم، ليجسد بذلك نموذجاً يحتذى في التسامح.وفي نهاية الندوة كرّم العميد ابن عامر، المشاركين في الندوة، معرباً عن تقديره للتفاعل البناء وعلى نجاح الندوة.