×
محافظة المنطقة الشرقية

الجيش يسيطر على محيط القصر الجمهوري في تعز

صورة الخبر

عندما زرت «برج حمود» في بيروت للمرة الأولى صحبة صديق له عمل تجاري مع أحد تجار الأرمن، لفت انتباهي أن الغالبية تعمل ولا تتكلم، وأن جل أعمالهم يدوية فنية، وأنهم مبدعون بالفطرة، وانتبهت إلى ثمرة الرمان على أكثر لوحة تم تطريزها باليد، ولأنني ولدت ونشأت في مدينة ألذ فاكهة رمان في العالم بقيت الصور في ذاكرتي، ومعها السؤال عن سر ذلك؟ ويبدو أن هناك دائماً سراً أو سؤالاً عندما يتعلق الأمر بالأرمن. قبل أيام، ولسبب كتابي، وآخر ليس كذلك، بحثت عن سر الرمان على لوحات الأرمينيات فلم أجد سوى كتابة مقتضبة لكنها شافية للسيدة هدى حبيش من لبنان تقول: «تفرض ثمرة الرمان وجودها في العديد من (الأرتيزانا)، إذ تحمل دلالات كثيرة في الثقافة الأرمنية، فانقسام الرمانة إلى أربعة أجزاء يرمز إلى المملكات الأربع التي تعاقبت على أرمينيا، كما أن بذور هذه الثمرة، التي يبلغ عددها 365 بذرة، ترمز إلى عدد أيام السنة، وهي جميعها موجودة تحت تاج واحد يدل على الشعب الأرمني، كما ترمز هذه الثمرة إلى الخصوبة والعطف». وأخذتني كلمة العطف في سياق حديثها إلى الرومانسية الأرمينية، وبحثت في أساطيرهم فوجدت أسطورة أرمينية قديمة فيها تقف شابة أسفل جبل «آرارات» وجعلت باطن كفها محملاً لجمرة -شعلة نار- تضيء درب سفح الجبل، لحبيبها الفارس الهارب من الأعداء، من دون أن تحترق يدها! أكتب عن الأرمن، وبدأت ملامح غزوهم السوق الخليجية عبر المطاعم الفاخرة في الظهور جلياً، ففي الرياض وحدها اليوم رصدت ستة مطاعم فاخرة تقدم الأطباق الأرمينية، ربما ليس بأيدٍ أرمنية، ومن بدون صحبة الموسيقى التي اشتهروا بها، أو تزيين المكان بلوحاتهم، كما أبدعوا في المنافي في الفن التشكيلي جنباً إلى جنب مع الموسيقى، ولكن تبقى أطباق تمثل ثقافتهم «الوردية» على رغم السواد الذي عاشوه تاريخياً. المطبخ الأرمني عبارة عن مجموعة من الأذواق والرّوائح الذكية، متعلق بحميمية بفن طبخ البحر الأبيض المتوسط، وبين نكهات جبلية، لكن الملاحظ هو مشتقات اللون الزهري في أطباق مثل «الحمص بالشمندر» وغزل البنات الزهري الذي يوضع على «البوظة»، وربما بتصرف خيالي في حبات الكرز الداكنة مع الكباب. فهل هم ينقلون جزءاً من تاريخهم إلى أطباقهم؟ فاللون الزهري له مكانة وجدانية عندهم وهو مستمد من لون حجارة «التوف» الموجودة في أرمينيا، والتي استوردت خصيصاً لبناء هذه الكنيسة. اشتهر الأرمن في المنافي الاختيارية والإجبارية بالرسم والموسيقى و «الفوتوغراف»، ربما لأن البصريات والسمعيات تحافظ على روح خاصة وتصل إلى الناس ولا تعوقها حواجز اللغة، وفي مطاعم الرياض الستة أو السبعة لا يوجد أي ملمح ثقافي أرمني يمكننا استلهامه، وكأن تاريخ المطاعم اللبنانية والتركية في السعودية يعيد نفسه. الشاهد الاقتصادي بعد هذه الأمنيات الثقافية أن الأرمن يهددون العرشين اللبناني والتركي بقوة في سوق المطاعم الخليجية. مطاعمهم تفعل ذلك، وأغلبها لا يحمل نفساً أرمنياً حقيقياً، فماذا لو حدث ذلك؟