قال فضيلة د. عيسى يحيى شريف إن القرآن الكريم لا تكلُّ الألْسنةُ المؤمنة من تلاوته، ولا تملُّ الأسماع المؤمنة من حلاوته ولذَّته، ولا يشبع العلماءُ من تدبُّره، ولا يستطيع أيُّ مخلوق أن يأتيَ بمثله؛ بل لا يستطيع كل الخلق وهم مجتمعون على أن يأتوا بمثله. وبين في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد علي بن أبي طالب بالوكرة أن صيامُ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان مُزْدانًا بقراءة القرآن، ذِكْرًا وتلاوةً وتدبُّرًا، حيث كان القرآن سميرُه وأنيسُه، يُذاكره جبريل -عليه السلام- القرآن كلَّ ليلة، فيَقِف عند مواعظِه، ويتأمَّل أسرارَه وحِكمَه. قراءة القرآن وأشار د. عيسى إلى أنه لا يليق بمسلم أن ينتهي القرآن إلى سمعه دون أن ينفذ إلى قلبه ولا يليق بالمسلم أن يبقى القرآن محبوساً في طرف لسانه حين يتلوه دون أن ينفذ إلى قلبه ولا يليق بالمسلم أن يبقى القرآن في يده أو الرف في البيت دون أن ينهل منه ويزداد به إيماناً وتقوى ويقيناً قال الله عز وجل: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ) التدبر والفهم وأكد أنّ العناية بالقرآن قراءة وحفظًا تعلُّمًا وتعليمًا، مدارسة ومذاكرة، تدبُّرًا وتفهُّمًا، هو مِن سمات الأخيار وعلامات الأبرار، لافت إلى أنه كلما ازدادت الأمة وازداد المسلمون تمسُّكًا بكتاب الله وعناية به ومحافظة عليه تعلُّمًا وتعليمًا، زادت فيهم الخيرية ونمى فيهم الفضل، وكثر فيهم الخير. وأشار إلى ما روى البخاري في صحيحه عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه) تمسك الأمة وأوضح أن الخيرية والعظمة في الكلام مرتبطة بالقرآن؛ فكلما ازدادت الأمة تمسُّكًا بالقرآن قراءة وحفظًا، تلاوة وتدبُّرًا، عملاً وتطبيقًا، حكماً وقضاءً زاد الخير فيهم، ونمى الفضل، وعظم النُّبل بحسب تمسكهم بكتاب الله - جلّ وعلا. وقال إن القرآن شفاءٌ ورحمةٌ، وطمأنينة وأمان، وهدى من الحيرة وسكينة من القلق، وراحة واستقرار من الحزن والنَّكد والوسوسة والاكتئاب لافتا إلى أن من عظمة القرآن أنه لابد للقارئ من آداب يتحلى بها. آداب القراءة فيجب على القارئ الإخلاصُ، وينبغي مراعاةُ الأدب مع القرآن، فينبغي أن يستحضرَ في نفسه أنه يناجي الله تعالى، ويقرأ على حال مَن يرى اللهَ سبحانه، فإنه إن لم يكن يراه، فإن الله تعالى يراه. ونوه بأنه ينبغي على المسلم إذا أرادَ القراءة أن ينظِّف فاه بالسِّواك وغيره، ويستحبُّ أن يقرأ وهو على طهارةٍ ويستحبُّ أن تكون القراءة في مكان نظيفٍ مختار؛ ويستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبلَ القبلة، ويجلس متخشعًا بسكينة ووقار، مطرقًا رأسه، فإن أراد الشروع في القراءة، استعاذ بالله من الشيطان الرجيم.