اتخذت اليوغا مركز الصدارة في شهر رمضان الحالي في الهند مع تجاوز درجات الحرارة الـ42 درجة في أكثر مناطق الهند. فقد وجد الكثير من المسلمين الهنود في اليوغا ملجأ لهم من مشقة الصيام في رمضان، وتم تنظيم معسكرات للتدريب على اليوغا في أماكن كثيرة من أجل تعلم أوضاع خاصة برياضة اليوغا تساعد على التأمل بشكل أفضل، ومواجهة الرغبة في المأكل والمشرب طوال فترة الصيام التي تصل إلى 17 ساعة يومياً.تقول زينب خان التي شاركت في أحد هذه المعسكرات: «من الممكن أن يصبح رمضان وقتاً عصيباً، وبخاصة بالنسبة للنساء نظراً لكثرة الأعمال المنزلية وقلة الراحة. أسعدتني المشاركة في هذا البرنامج، وآمل أن تساعدني الأوضاع التي تعلمتها اليوم».بالنسبة إلى الكثيرين، يعد رمضان شهر الغذاء الروحاني من خلال الجمع بين اليوغا وطب الأيورفيدا.يقول صلاح علام، الخبير في الأيورفيدا واليوغا الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، إنه يعمل مع الكثير من ممارسي اليوغا من المسلمين خلال شهر رمضان الذين يبحثون عن النصح والإرشاد فيما يتعلق بالأيورفيدا والأوضاع المناسبة خلال شهر رمضان. يوضح قائلا: «كل يوم جمعة خلال الشهر الفضيل أقيم تمارين خاصة قبل السحور تتضمن ممارسة بعض أوضاع اليوغا. بعد ذلك يتم تقديم وجبات من مطبخ الأيورفيدا إلى المشاركين لتنظيف أجسامهم، والحفاظ على صحة جيدة. أتلقى طلبات من أشخاص لتنظيم جلسات يومية أثناء شهر رمضان، لكن نظراً لأن الأمر يتطلب التزاما وإخلاصا وصدقا، فلا يمكن تقديمه إلى الجميع، ويقتصر الأمر على من أثق بهم فقط».* الأيورفيدا ورمضانيفضل من يلتزم بصيام الشهر بالكامل تناول خيارات من طعام الأيورفيدا النباتي بدلا من الأطباق التقليدية، ويتعلق الأمر كثيراً بالاهتمام بالسعرات الحرارية. وينصح أمان، مهندس برمجيات في الثلاثين من العمر، الذي يمارس تمرينات اليوغا، بتناول الأطعمة النباتية خلال الصيف الحار في الهند من أجل تنظيف الجسم من السموم. ويوضح: «أمتنع تماماً عن تناول أطباق اللحم خلال شهر رمضان، فالالتزام بالنظام الغذائي النباتي يمنحني فرصة أكبر للاتصال بالله في رمضان. الأهم من ذلك هو أنني أشعر بالانتعاش والخفة. اللبن، والفاكهة، والخضراوات، هي الأطعمة المفضلة لي».يقدم سليمان سيد، طبيب الأيورفيدا والخبير في الدين الإسلامي، الإسلام بطريقة عصرية وعلمية إلى الكثير من الشباب المسلمين، حيث يشرح لهم أن الصيام هدفه توجيه الانتباه بعيداً عن الاحتياجات المادية الخارجية، والتركيز على الجزء الروحاني داخلنا.يشير سيد بأنه من الناحية الدينية، المقصد الحقيقي في الشهر الكريم هو «تخصيص الوقت، والفكر، والجهد للصلاة، والعبادة، والدراسة، ومنح الصدقات، بدلا من تخصيصه لإعداد الطعام وتناوله. وبحسب الأيورفيدا، يحفز الصيام إفراز هرمونات النمو التي تعزز آليات تجديد الخلايا، وهو ما يساعد في عملية الشفاء. مع الصيام، تزداد وتيرة عملية حرق السعرات الحرارية، ويزداد إفراز الناقل العصبي النيروبنيفرين مما يساعد في زيادة معدل حرق السعرات الحرارية.توضح دكتورة زنات، طبيبة الأيورفيدا، أن على الصائم تناول ماء الكمون، واللبن الرائب مع الهال، والرمان، حيث تساعد تلك الأشياء على خفض الحموضة أثناء السحور والإفطار. تقول دكتورة زنات: «الإصابة بالجفاف من المخاطر الشائعة وبخاصة لدى كبار السن. يساعد عسل الرمان، والخروب، وشربات الورد، في احتفاظ الجسم بالسوائل. ويجب تفادي تناول المشروبات، التي تحتوي على قدر كبير من الكافيين، في السحور لأن تناول الكثير من الشاي يدرّ البول؛ مما يؤدي إلى فقدان الأملاح المعدنية اللازمة خلال اليوم. يجب تناول أطعمة مثل حبوب الإفطار، والبقول، والفاكهة، والخضراوات، واللبن، ومنتجات الألبان؛ لأنها تزود الجسم بالألياف اللازمة». وتبيع بعض شركات ومطاعم الأيورفيدا أصناف خاصة للمسلمين الصائمين.* أوضاع وتقنيات اليوغا خلال شهر رمضانيقول بوبايندر أشاريا، الخبير في اليوغا: «وضع الكوبرا، والقوس، هما الأفضل لتقليل الشعور بالعطش في الأيام الطويلة شديدة الحرارة. ترفع مثل تلك الأوضاع عظام الصدر مما يساعد القلب على ضخ الدم المحمل بالأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم. إضافة إلى ذلك، تساعد تمارين التنفس على تبريد الجسم مما يبعث الهدوء في الجسم والذهن. يمكن الجلوس في وضع مريح، وفتح الفم كأنك تبتسم مع الإبقاء على الأسنان مطبقة، والتنفس من الفم للشعور بالهواء البارد يمر عبر الأسنان. أغلق الفم، واحتفظ بالنفس في الداخل للحظة، ثم ازفر الهواء من الأنف». أفضل وقت لممارسة اليوغا خلال شهر رمضان في الساعات المبكرة من اليوم، أو بعد ساعتين إلى ثلاثة من تناول الإفطار، أو قبل الإفطار إن استطعت.يقول عبد الله علي البالغ من العمر 55 عاماً: «إنه أول رمضان لنا بعد تعلم اليوغا. لقد كنت أشعر بألم في مفاصلي، وبالكسل في رمضان قبل ذلك، لكن بفضل ممارسة اليوغا هذه المرة لم أعد أشعر بتلك الأمور. إننا نمارس اليوغا بعد صلاة العشاء في العاشرة مساء تقريباً، ونشعر بالطاقة والنشاط».على الجانب الآخر، يقول دكتور كريشان بانديت من مدرسة «بابا رام ديف» لليوغا: «اليوغا علم لا طقوس دينية. إذا فكرت في الأمر ستجد أن اليوغا تشبه رمضان، ورمضان يشبه اليوغا، حيث يتطلب كل منهما الالتزام وتحقيق التناغم بين العقل والجسد. إن رمضان شهر تنظيف الجسم من السموم، وكذلك تطهير العقل والروح. لأن اليوغا تعني الوحدة، يعني هذا الشهر تحقيق الوحدة بين الجسد والعقل لتشع الروح. لذا لن تساعد ممارسة اليوغا خلال شهر رمضان فحسب في الحفاظ على نشاط الجسم، لكن أيضاً ستساعد في تحسين القدرة على التركيز». رغم الطقس الحار في الهند، يلتزم الشباب المسلم بالصيام عن الطعام والشراب منذ الفجر وحتى الغسق. ولا تمنعهم وظائفهم، التي تتطلب بذل جهد، عن الصيام، ولا يبحثون عن أعذار، بل يؤكدون أن الالتزام الروحاني لا دين له، وأنه يمكن أن يفيد أي شخص يلتزم بالصيام.تهتم سوبيا علام، البالغة من العمر 26 عاماً، كثيراً باللياقة البدنية، وتداوم على الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية خلال شهر رمضان، حيث ترى أن هذا لا يقل أهمية عن الصيام. وترى أن رمضان لا يعني التخلي عن إيقاعها اليومي المعتاد، بل يعني تعديل جدول مواعيدها قليلا لتتمكن من أداء فروضها الدينية. توضح قائلة: «لا يمكنني التوقف عن ممارسة الرياضة، وأريد أن أصوم. لذا أمارس الرياضة في الصباح الباكر، أو بعد الإفطار». يرى معلمو اليوغا أن ممارسة الرياضة يمكن أن تساعد في الحفاظ على الطاقة بشكل فاعل أثناء الصيام. يقول موهيت سينغ، معلم اليوغا: «ينبغي على الصائمين الامتناع عن ممارسة أوضاع اليوغا التي تشمل تنفسا قويا، أو التي تعزز حرق السعرات الحرارية، في حين يمكنهم ممارس التنفس التبريدي، وتمرينات مطّ الجسم في الصباح الباكر أو بعد الإفطار». كذلك أوضح أن تناول الكثير من الفواكه، وبخاصة البطيخ، والبطيخ الأصفر، والخيار، أثناء السحور، يساعد الجسم في الاحتفاظ بالمياه طوال اليوم. الجدير بالذكر، أن الكثير من المسلمين في الهند معتادون على بدء وجبة الإفطار بتناول التمر، ومنتجات الألبان، وفي ظل سياسة حظر بيع لحم الأبقار، يفضل الكثيرون الابتعاد عن كل أنواع اللحوم لتفادي أي جدال.