القاهرة:محمد فتحي تتميز دراما رمضان هذا العام بوجود عدد من المسلسلات المنفصلة المتصلة، وهي نوع من الفن الدرامي والتلفزيوني الراقي والمهم جداً على الساحة العالمية والعربية، حيث تتناول كل حلقة قضية تبرز فيها العديد من التفاصيل المختلفة حسب الموضوع أو الفكرة المثارة في بقية الحلقات. وهذه النوعية اختفت فترة، ثم عادت خلال الموسم الحالي في أكثر من عمل، وحتى الآن لم تلق أي نجاح، ويؤكد البعض فشلها في جذب الجمهور إليها، فهل لم تأت التجربة بجديد على هوى المشاهدين أم أن نصوصها لم تكن بمضمون قوي لافت للانتباه؟.من تلك العروض مسلسل «هربانة منها»، والذي شهد عودة ياسمين عبد العزيز إلى الدراما بعد غياب سنوات، وبمشاركة كل من مصطفى خاطر، وفادية عبد الغني، وانتصار، وحسن حسني، وصلاح عبد الله، وتعتمد أحداثه على هذا الأسلوب، مع تقديم ياسمين للعديد من الشخصيات المختلفة، بملامح وتفاصيل متنوعة.وعلى نفس المنوال، يسير مسلسل «خلصانة بشياكة»، للفنان أحمد مكي مع هشام ماجد وشيكو، وتتناول أحداثه علاقة الرجل بالمرأة، من خلال ثلاث شخصيات يقيمون في حارة شعبية. وهناك عدد آخر من المسلسلات التي تقترب من هذا اللون، ومنها «ريَّح المدام»، للفنانة مي عمر التي تفقد الذاكرة بعد خيانة زوجها «أحمد فهمي»، وتتعرض في كل حلقة إلى مواقف بشخصيات متعددة، وأيضاً «اللهم إني صائم»، بطولة مصطفى شعبان والذي يقدم فيه دور نصاب يتبدل من خلال شخصيات تواجه أحداثاً مثيرة في كل حلقة، وهناك كذلك «واكلينها والعة»، والذي تغير إلى «السبع صنايع»، بطولة شريف رمزي. يدافع هشام ماجد أحد أبطال مسلسل «خلصانة بشياكة»، عن الفكرة، ويقول: «دائماً نفكر في الأعمال المختلفة، التي لم يقدمها أحد من قبل، ولذلك نأخذ وقتاً كبيراً في البحث عن فكرة مناسبة وغير مستهلكة في السوق، ونحاول المحافظة على هذا الخط دائماً، وعندما بدأنا التعاون مع مكي وقررنا تقديم مشروع فني معاً كان هذا ما يدور في تفكيرنا، لأن مثل هذه التركيبة بالتأكيد سيكون الجمهور في انتظارها، والمسلسل عبارة عن حلقات منفصلة متصلة، ولكنه مختلف على المستوى الكوميدي، ويقدم وجبةً تختلف من حلقة لأخرى بالرغم من صعوبتها، وردود الفعل حتى الآن جيدة».أما أحمد فهمي بطل مسلسل «ريَّح المدام»، فيقول: «حين اتجهت إلى الدراما قررت عدم الدخول بفكرة غريبة، فالأنسب لجمهور التلفزيون المنطقة الاجتماعية التي يفضلها، لأنه شريحة مختلفة عن جمهور السينما، ويتضح ذلك من خلال شخصية سلطان الذي يخون زوجته وتكتشف أمره وتتوالى الأحداث، وفي الوقت نفسه احتفظ بالطعم الغريب الذي اعتاد عليه الجمهور في أعمالي، فحاولت تنفيذ ذلك عن طريق الحلقات المتصلة المنفصلة، التي تحكي 20 حدوتة مختلفة، وبالتالي تعطي مساحة لإرضاء أكبر قاعدة من المشاهدين، رغم صعوبتها لعدم وجود ديكور ثابت وكأنك تصور 20 فيلماً قصيراً، فالأمر مرهق على مستوى التمثيل والتنفيذ والكتابة، لكنه جذاب لتقديم شيء مختلف كل يوم». الاختيار الأنسب يقول تامر إبراهيم مؤلف «ريَّح المدام»: تحمست لفكرة المسلسل، لأنه يعرض في كل حلقة شخصية مختلفة، نتيجة لوجود الفنانة مي عمر، التي تستيقظ في صباح كل يوم بشخصية جديدة، تتنوع ما بين محامية، وطبيبة، ومرشدة سياحية، وطبيعة الفكرة فرضت علينا هذا النظام، وأحبذ هذه النوعية من الأعمال، وأعتقد أن الجمهور يتحمس لمشاهدتها في رمضان. ويعلق هشام فتحي مخرج مسلسل «خلصانة بشياكة»، قائلاً: الموسم الكوميدي هذا العام جيد، يحتوي على أكثر من عمل، مما يحقق ثراء للمشاهد الذي يتابع من أول يوم ويختار الأنسب له، ونحن نقدم كوميديا من خلال علاقة الرجل بالمرأة، تدور في أكثر من شكل ومرحلة نحاول معها شرح العلاقة بينهما، والحلقات المنفصلة المتصلة ليست جديدة، بل استكمال لسلسلة تم تقديمها على مدار التاريخ مثل «هو وهي»، و«غاضبون وغاضبات»، وهذه المرة نأخذها في الجانب الكوميدي، واخترنا فترة تاريخية مستقبلية وهي عام 2040 للأحداث كي نرى شكل العلاقة بين الجنسين في المستقبل. أما شريف رمزي بطل «السبع صنايع»، فيقول: المسلسل مختلف عن غيره سواء في أسلوب الطرح أو في الجرعة الكوميدية التي تعرض على الشاشة، وهذا ما يميز الحلقات لأن كلاً منها يشارك فيها أسماء بارزة من نجوم الصف الأول الذين وصل عددهم إلى 40 نجماً على مدار ال 30 قصة، كما أن السيناريو فرض علينا شكل الحلقات المنفصلة المتصلة من خلال الأحداث التي يتعرض لها السكان في عمارة واحدة، وتختلف من يوم إلى آخر، ما قد يجذب المشاهد ويكسر ملل وروتين العمل الطويل.يؤكد الناقد نادر عدلي أن ظاهرة أعمال الحلقات المنفصلة المتصلة سببها الإنتاج في المقام الأول، حيث الاعتماد على نجم واحد ومعه عدد من الممثلين الثانويين، أو أكثر من نجم، ويظهر في كل حلقة ضيف شرف يأتي مجاملة أو بأجر بسيط.ويضيف: أيضاً أحد الأسباب المهمة انتشار ورش الكتابة وغياب رؤية الكاتب ووجهة نظره أديا إلى اعتماد المؤلفين الشباب على اقتباس موقف كوميدي أو حلقة من عمل أجنبي والبناء عليهما، كذلك لا ننسى أن نجاح تجربة مسرح مصر التي تقوم على الموقف الكوميدي والإفيه عزّز رغبة بعض المنتجين في تقديم هذا النوع من خلال أعمال درامية، والدليل أن معظم المسلسلات المنفصلة المتصلة يغلب عليه الطابع الكوميدي، وأرى أنه من الأعمال الكوميدية الجوكر حتى الآن ياسمين عبد العزيز في «هربانة منها»، لأنها أخفهم ظلاً وحضوراً وأول مرة تعود بعد فترة غياب طويلة.أما الناقد طارق الشناوي فيقول: أرى أن الأعمال الكوميدية المشاركة هذا العام بشكل حلقات منفصلة متصلة مثل «هربانة منها» أو «ريَّح المدام» أو «خلصانة بشياكة» أو غيرها جميعها محاولات للضحك، ولكن لا يوجد بها نسيج واضح كسيناريو مكتوب للعمل، وهذه النوعية من الدراما تتميز بغياب الرؤية العامة للكاتب، في مقابل انتشار ورش الكتابة وهي الأمثل لصناعة هذا النوع، حيث تنشغل كل مجموعة أو فرد بكتابة قصة درامية من حلقتين أو ثلاث حلقات، ولا يظهر أي فرق في الأسلوب والتناول.وترى الناقدة ماجدة خير الله، أن الحلقات المنفصلة المتصلة موجودة منذ فترات طويلة وليست جديدة على الدراما المصرية، إلا أن الظواهر تبدأ في الوضوح حينما تكثر الأعمال، وتضيف قائلة: إن كان قد تم تقديم عمل في فترة سابقة بين 10 أعمال طويلة، فإن وجود عدد أكبر من المسلسلات الطويلة يسمح بظهور أنماط متنوعة مثل المسلسلات المنفصلة المتصلة، ومن حين لآخر تظهر نوعيات من الدراما مثل «الست كوم»، الذي ظل لفترة ما واستمر نجاحه إلى أن اختفى بالتدريج، وكأنه نوع من الاختلاف عن الآخرين، وبالنسبة للمسلسلات المنفصلة المتصلة فهي تسمح بتناول العديد من القضايا، كما أنها من الممكن أن تستمر لبعد رمضان إن كانت أكثر من 30 حلقة أو لها أجزاء أخرى، والحكم على نجاح التجربة أو فشلها هذا العام سيظهر في نهاية الشهر.