×
محافظة المنطقة الشرقية

عملية داعش في طهران تغريدات مشبوهة وتبنٍّ سريع.. هل أشرف الحرس الثوري على الهجوم؟

صورة الخبر

الانتحار من ظواهر العصر الذي يختفي وسرعان ما يعود إلى السطح مثل الصاعقة التي تحدث شرخاً في باطن الأرض خاصة في سن المراهقة وفي حالات الحرمان والفراغ العاطفي عند الإنسان المضطرب سلوكياً فيلجأ إلى الانتحار تحت ظروف قاهرة والمعضلة عندما تكون الأسرة التي تعد بمثابة الحصن غافلة أو متشاغلة عن تربية الأبناء التربية الدينية الصحيحة. فما الأسباب وراء ظهور مثل تلك الحالات في المجتمعات العربية الإسلامية المحافظة، وما العلاج الناجع لمثل تلك المشاكل؟ وهل هناك دور يتوجب أن يقوم به العلماء والمثقفون حيال ذلك وما هو ذلك الدور؟ يتحدث لـ «اليمامة» عن هذا الملف الشائكعدد من الأكاديميين والتربويين والمثقفين، في البدء قال الكاتب الباحث أحمد حسين عسيري شارحاً واقع الانتحار من واقع الدراسة العلمية المتابع لها قائلًا: بداية يشكّل الانتحار الموضوع الأكثر جدلاً فيما يتعلق بكثير من التشريعات المُجَرّمة والقوانين الوضعية المتجاوزة في حالات معينة؛ وذلك عائد لأسبابه وما يترتب عليه، خاصة ما صاحبه من تطور علمي نتج عنه كثير من الدراسات الطبية والاجتماعية والنفسية وبموازاة مع الحقوق المدنية الداعية لمزيد من الحريات المطلقة الشخصية وما يقع ضمنها وأعني بذلك ما أصطلح عليه بالموت الرحيم لإنهاء معاناة مستعصية طوعاً وما كان منه شخصياً أو بحكم الولاية أو الوصاية وتظل المشاكل النفسية وما شُخص منها تشكل النسبة الأكثر سببية في دوافع الانتحار كالاكتئاب الحاد نتيجة الفشل الذريع، أو فقدان صديق عزيز أو شيئاً ذا قيمة مادية أو معنوية، والنبذ الاجتماعي في بعض صوره لسلوكيات مغايرة للعرف والثقافة المجتمعية. ويأتي التدين كمانع أول لمجرد التفكير في الانتحار عطفاً على نتائج دراسة عنه تُعد الأشهر والأساس لعديد من الدراسات اللاحقة وهي دراسة عالم الاجتماع «أميل دوركايم» وما انبثق عنها من نتائج استلب منها عديد من الدراسات لذات الغرض. ويُعزى لبعض العوامل الاقتصادية سبب متباين المستوى في حالات محددة، وهو ما تفرزه تداعيات الكساد من فقدان للوظائف والثروات بشكل حاد، وذلك ما شكل أبعاداً بحثية لأكثر من دراسة على المستوى العالمي سواء في أثناء الحروب أو نتائجها كما في ما عرف بالكساد الكبير في ثلاثينيات القرن المنصرم؛ وما تلاه من انهيارات اقتصادية حديثة نتاج عوامل سياسية وصراعات إقليمية مختلفة، واستطرد في كلامه قائلاً: ولقد ذهب قلةُ من الباحثين إلى أثر العوامل الجينية كَدافع لإنهاء الحياة وغالباً بشكل مأساوي؛ كحالة الروائي الأمريكي «أرنست همنجواي»، ووجود تاريخ عائلي مؤثر لانتحاره. إضافة إلى ما تردد عن وجود عامل وراثي دافع لانتحار عند الروائية الإنجليزية «فرجينيا وولف» استباقاً لانهيار عقلي وشيك. وهناك عديد من الحالات في مجالات عدة كحالة «مارلين مونرو» وغيرها ومما يتطلب مزيداً من الأبحاث في هذا الجانب. ويرى فيما يتعلق بدور العالم والأديب والمثقف في الإسهام للحد من هذه الجريمة بحق النفس التي لا يطال أذاها المنتهك فقط، بل المجتمع بأسره، فهو دور ريادي تنويري ومطلوب وعلى كافة المستويات متابعة لأثر النواة المجتمعية الأولى وهي الأسرة. فعالم الدين مناط به الإيضاح الشرعي المدعم بالأدلة لتحريم إزهاق الروح المعصومة وما يتبعه من حساب وعقاب شديدين. كما يجب على العلماء المتخصصين إيجاد تكامل محمود بين كافة التخصصات الممارسة لهذا الموضوع سواء: الاجتماعي أو المعرفي، وبما يكفي لإحداث الوقاية المجتمعية الكافية لتبصير أفراد المجتمع ومن واقع علمي تطبيقي مدروس يتناسب مع الدين الشرعي في سبله وتوجهاته السمحة. وفي الواقع السردي تحديداً بالإمكان النظر إلى الفكرة الأساس وما تؤول إليه بعض النهايات المحبطة في سياق مجتمعي ربما يوجد به أكثر من خيار لصياغة حل العقدة عوضاً عن الختام بفجيعة قد تشكل اقتداء بالوصول فقط إلى نقطة اليأس وانعدام الحلول، وبالتالي تحييد سبل الإرادة والإصرار المؤدية إلى إعادة الأمل وطبعاً لا يُقصد هنا تغليب النهايات السعيدة كنتيجة حتمية، وتأطير المسار من واقع رغبة ليس إلا وباعتبار إن كان جزئياً نتج لبواعث التقليد والمحاكاة التي أثبتتها ولا تزال كثير من نظريات علم النفس الاجتماعي ومن واقعٍ تجريبي مدعم بالشواهد والأدلة وهو ما يعني تضافر الجهود كافة وبكل الوسائل الممكنة خاصة ما كان منها وقائياً وبشكل استباقي منذ النشأة المبكرة إلى جميع المراحل العمرية المؤثرة، ومواجهة جريمة الانتحار كأمر واقع له محاذيره وجذوره المسببة، ومحاولة التعاطي معها بما يجب، مؤكداً أنها جريمة موجودة في كل المجتمعات، ولا سبيل لإنكارها من منطلقات طوباوية مثالية، لأن الحل هو التصدي لها بكل ما هو منطقي وفاعل ومتاح. عبدالله صالح آل عباس متقاعد من التربية والتعليم أبدى رأيه في مثل تلك الحالات قائلاً: إن الانتحار هو الفعل الذي يتضمن تسبب الشخص في إزهاق روحه عمداً، ولو بحثنا عن السبب الذي أدى به إلى ذلك الفعل لوجدناه لا يتعدى هذه الأمور تقريباً التي منها اليأس والحرمان الناتج عن اضطراب نفسي شديد بسبب المخدرات أو جلساء السوء والصعوبات المالية وسوء العلاقات الشخصية والأسرية والتحول المعيشي الخطير وسمو النفس وعلو الهمة التي لا تستطيع تحقيق أهدافها. وتتنوع طرق الانتحار والعياذ بالله بين الشنق والتسمم الغذائي والأسلحة النارية أو القفز من الأماكن العالية أو تعمد السرعة العالية بالسيارة وبتنوعها تكون النتيجة واحدة وهي قتل النفس البريئة بغير ذنب. حكم الانتحار: جريمة كبرى من الكبائر العظيمة وفاعله موعود بالخلود في النار والعياذ بالله ويعذب بالأداة نفسها التي انتحر بها ولذلك فإن على الأسرة والمجتمع بأكمله دور كبير ومسؤولية عظيمة أمام أفرادهما بتهيئة الجو المناسب للعيش وبتجنب ما يجعل الشخص ييأس من الحياة ويخرج منها منتحراً. وكذلك على العلماء وأصحاب الفكر والقلم عبء كبير وحمل ثقيل نحو أفراد المجتمع ومع كل ذلك فإن المسؤول الأول والأخير عن تنفيذ عملية الانتحار هو المنتحر نفسه؛ كيف لا وقد أمر بالشكر على السراء وبالصبر على الضراء وليؤمن تماماً بأن المؤمن مبتلىً في الحياة الدنيا وليعلم الجميع أن الابتلاء سنّة كونية لم يسلم منها أحد حتى الأنبياء والأولياء والصالحين. قال: عليه الصلاة والسلام: «عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له» فأين المنتحر من معرفة هذا الأمر؟! والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. وتحدث الكاتب نبيل حاتم عن الجانب المتبع مع المراهقين قائلاً: حقيقةً نسأل الله اللطف وفي تصوري أن التعامل مع المراهقين يحتاج إلى أن يكون تعاملاً مختلفاً فيراعى في ذلك الظروف الفسيولوجية التي تتغير بطبيعة الإنسان وأن لا يتم التعامل معهم كما يتم التعامل مع أفراد منه أكبر في العمر معتقداً أنه يتوجب الاهتمام بالجانب العاطفي عند المراهقين وتقدير نجاحهم والحرص الشديد على تشجيعهم والاهتمام بكل احتياجاتهم مع التوجيه موضحاً أن أخطر شيء أن يتم التعامل مع المراهق بعقوبة الحرمان في كل شيء! لأن هذا بالنسبة له تحدٍّ، والحرمان يكون في حالات معينة يستخدم للتوازن في تحقيق الطلبات وليس كنظام مستمر لأن المراهق على الفور سوف يبحث عن ما يحقق لهُ احتياجه ولن يعجز وإذا لم يتحقق فسيلجاء إلى طرق الانتحار والعياذ بالله، مضيفاً أن الضغط النفسي الذي تتم ممارسته من قبل البعض ضد المراهقين من العوامل الأساسية المشكلة الخطرة والداعمة لذلك السلوك غير السوي عند المراهق، وفي تصوري أن وجود أماكن ترفيهية متنوعة قد تساعد كثيراً في تخفيف الضغط النفسي، وقد تكون بمثابة المجال الواسع لتفريغ الطاقة. وتطرق للموضوع من الجانب الديني الدكتور والباحث من جامعة الإمام نمر بن عايش السحيمي قائلاً: إن المجتمعات العربية اﻹسلامية المنضبطة بهدي كتاب الله وصحيح سنة خاتم أنبيائه ورسله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تفتقد لحالات الانتحار وقوفاً عند أمر الله جل وعلا في قوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا). قال السعدي: (لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه). وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سمًا فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا». قال ابن بطال: (هذا الحديث يشهد لصحة نهي الله تعالى في كتابه المؤمن عن قتل نفسه.. لكن حينما يبتعد المسلم عن هدي اﻹسلام فيخلو قلبه من معرفة الله وحقيقة الحياة الدنيا وسبب خلق الإنسان في هذه الحياة وما سيؤول إليه من مصير حتمي سيسأل خلاله عن كل ما عمله في الدنيا ومن ثم سيحدد ذلك منزلته في الآخرة يقيناً؛ هذه الحقيقة حينما يفقدها المسلم فإنه تتلقفه الشياطين فتؤثر في نفسه وعقله الباطن ومن هنا ينتج الخلل ويحصل الانتحار مهما كانت مسببات ذلك الخلل.. لذا فما يحصل في المجتمعات اﻹسلامية من حالات انتحار ما هي إلا بسبب خلل في العقيدة أولًا تأصل في النفس ثم نمت بذرته لواقع الفرد المصاب لأي سبب من أسباب مصاعب الحياة ليبحر في متاهات الوسوسة والتفكير السلبي إلى أن يصل لمرحلة اللا عودة باليقين الكامل المتجاوز للعقل الذي منحه الله إياه بحدود الشرع كما أسلفت ثم تحدث مثل حالة الانتحار خارج إطار العقل الواعي، ويرى أن العلاج يمكن تربية النشء على العقيدة الإسلامية الصحيحة والشريعة اﻹسلامية الكاملة التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم صافية نقية ومن ثم تعهد هذا النشء وربطه بكتاب الله وصحيح سنة نبيه نظرياً وعملياً عبر مراحل التعليم المختلفة، ويحتاج ذلك لبرامج مقننة ومشاريع تربوية محكمة تكون أسساً ضامنة لإنهاء وجود مثل هذه الظواهر أو التقليل منها بإذن الله، مشيراً إلى أن للعلماء والمثقفين دوراً مهماً حيال محاربة مثل حالات الانتحار التي لا يسلم منها مجتمع لا يعلم شيئاً عن خالقه وعن سبب وجوده ومآله وهو بهذا الوصف لا يختلف عن أي مجتمع حيواني آخر لتعطل العقل الذي أراده الله جل وعلا ﻵدم وذريته في اﻷرض وهو العقل المنضبط بمصدري اﻹسلام العذبين الكتاب والسنة وهما يمثلان اﻷساسين للإسلام دين الله في اﻷرض (إن الدين عند الله الإسلام).. فدور العلماء والمثقفين في المجتمعات اﻹسلامية حيال هذه الحالة هو دور توعوي وإرشادي وتعليمي وأن يكونوا قدوة صالحة ونموذجاً للمسلم المتمسك بهدي الكتاب والسنة على منهج سلف اﻷمة الصالح المستقيم الذي يجعل العقل اﻹنساني يدور في إطار النص الشرعي من القرآن وصحيح السنة لا أن يجعل النص الشرعي من القرآن وصحيح السنة يدور في إطار العقل اﻹنساني الذي لن يبلغ ما في النص الشرعي من علم (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).. ولا شك أن وقوف العقل عند ذلك هو احترام له وعدم إرهاقه وخروجه إلى الشتات ومن ثم إلى الانتحار والعياذ بالله. ويعول الناشط الاجتماعي عباس المعيوف على دور الأسرة في حدوث تلك الظاهرة التي من وجهت نظره يرى أن الدين لعب دوراً حيوياً لاستقرار النفوس والحد من هيجانها ضد الصدمات النفسية والاجتماعية ولربما ظاهرة مثل الانتحار تكون أصابع الاتهام في المقام الأول تعود للأسرة، فهي النواة التي من خلالها تزرع القيم الإنسانية والدينية، ويرى عالم النفس التحليلي فرويد إلى أن الانتحار هو توجيه العدوانية الكامنة بالشخص ضد ذاته، أي أن هناك أزمة نرجسية يعاني منها الفرد تتجلى في اضطراب التوازن عنده بين العالم المثالي المنشود والعالم الواقعي المعيش. بالمجمل ظهور مثل هذه الحالات في المجتمعات الإسلامية هو ناتج من الابتعاد عن الله وعن المنهج النبوي وعدم الالتزام بالقوانين والأعراف والتمرد على الفطرة السليمة، وقد يكون المناخ العالم للمنزل أرضية خصبة للانتحار فمتى ما غاب ذكر الله في منظومة بناء الإنسان المسلم كان عرضة بكل تأكيد لمثل هذه الظواهر المؤلمة. بحكم أننا مجتمعات إسلامية في بفضل من الله النسب أقل من الدول الغربية، حيث تتصدر الدول الاسكندنافية السويد والدنمارك والنرويج الأعلى من حيث النسب. أما الدول الإسلامية في حسب منظمة الصحة العالمية لعام 2016 فتتصدر السودان وبعدها جيبوتي والصومال والمغرب، وللعلم فإن الرجال أكثر من النساء انتحاراً، حيثُ تزيد معدلات الانتحار عند الرجال مقارنة بالسيدات بمعدل 3 أضعاف بينما تزيد معدلات محاولات الانتحار التي لا تنتهي بالقتل الفعلي عند المرأة مقارنة بالرجال، وأعتقد أن الدور المناط بالعلماء والباحثين هو الإسهام في الحد والتقليل لمثل تلك الحالات باتباع التالي: سرعة علاج فكرة الانتحار بعرض صاحبها على أخصائيين نفسيين وإدخال جو من التفاؤل والحب والأمل في التغير نحو الأفضل والمراقبة بهدوء وبلطف للمصاب ودراسة الأسباب وراء هذه الظاهرة في المجتمع الإسلامي وتصحيح النظرة على أن لله خلقنا ليرحمنا لا يعذبنا. وقال المدرب والمرشد النفسي والأسري لمشاكل الإدمان مشعل الحارثيِ: نحن نعيش في معترك الحياة.. والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في «كَبَد» ومما لا يدع مجالاً للشك أننا في هذه الحياة تعترينا مشاعر إيجابية ومشاعر سلبية بطبيعة الحال لا نستطيع أن نبقى في مشاعر إيجابية على مدار الساعة فنحن نعيش على هذه البسيطة بين شد وجذب.. يصاحب المشاعر السلبية إذا ما بحثنا لها عن حلول شيء من الحزن والقلق ومن ثم الاكتئاب البسيط وقد يتطور إلى الاكتئاب الحاد واليأس والإحباط من الحياة وهو ما يجعل الشخص تراوده الفكرة بالانتحار فيحدث هناك محاولات تلو الأخرى بعضها تقع والبعض قد يتم إسعافه المشاكل الأسرية والعائلية وأيضاً العاطفية والزوجية والمالية وعدم الرضاء أحد المسببات التي قد تدفع الشخص للانتحار.. كما أن تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية تمثل نسبة كبيرة في هذا الأمر.