×
محافظة المنطقة الشرقية

تقرير - العين الإماراتي يقدم عرضا لإبرا

صورة الخبر

ربما يكون من البدهي القول: إن للتاريخ مفهومين أوليين: كونياً وهو مجموع الحوادث الكونية، وبشرياً وهو مقدار ما يحيط به الإنسان من أخبار هذه الحوادث. لكنّ هذين المفهومين لم يكونا بهذا التمايز منذ البداية، فالتاريخ حين كان أساطيراً تروى كان بشرياً وكونياً في آن كما يقول العروي، بهذا المعنى تكون الأسطورة قد أرادت أن تقوم بالفعلين معاً، الإخبار عن الحدث التاريخي وصناعته أو صناعة شيء منه. وحين انبثق علم التاريخ عن الأسطورة ورث منها فعل الإخبار، وترك فعل الصناعة، فأين وارثه يا ترى؟ أظن أنه يمكننا الحديث عن الأدب، وأعني به هنا الأدب القصصي، باعتباره الوارث لفكرة صناعة الأحداث، أي لتلك القدرة التخيلية في الأسطورة. هذا الفهم لعلاقة التاريخ بالأدب على أنها علاقة انحدار من سلف مشترك هو الأسطورة يساعد في تفسير خطوط التشابك والمشابهة بين الحقلين، فالأدب لا يولد في الفراغ بل ينطلق من لحظة تاريخية معينة ليعود في أخرى وقد أصبح وثيقة لتاريخ بديل أو تاريخ مشتهى، بينما يقترب التاريخ من الأدب حين يحاول المؤرخ ربط الأحداث التاريخية ببعضها وتأويلها ونظمها في سياق يُنتِج معنىً ربما صنع المؤرخ جزءاً كبيراً منه. بهذا الشكل يدور كل من الأدب والتاريخ في تلك المساحة التي كانت تحتلها الأسطورة ألا وهي مساحة الذاكرة. الفارق أن التأريخ يستأثر بالذكرى أكثر، أي بتدوين الحدث، بينما يستأثر الأدب بالتذكر أكثر، أي بإعادة تشكيل الحدث.