الأمثال ذاكرة الشعوب، ولهذا فإنها تحمل أسماء كثيرة، جلها طواه النسيان، وغاب عن الذاكرة ولم يبقَ من آثاره إلا هذا المثل. إن بين هذه الأسماء وشيجة تربط بعضها ببعض، فلو نظرنا إلى تلك الأمثال التي تجعل هذا العَلَمَ الغايةَ في الحمق فيقال: «أحمق من..» لوجدنا تنوعاً في إضافة الحمق، مابين رجل وامرأة وحيوان ونبات، فمن الرجال عِجْل، وهَبَّنقة، وجُحا، ومن النساء: دُغَة، وجَهِيْزة، وخُذَنَّة، ومن الطيور: العُقْعُق، والنَّعامة، والرَّخمة، ومن الحيوان: الضبع، والرُّبَع، وهو وَلَدُ النّاقَة إذا نُتج في الرَّبيع. ومن النبات: الرِّجْلة. وقد يُضاف الحُمق إلى نكرة فيقال: أحمق من مُعلِّم كُتّاب، وأحمق من الممهورة إحدى خَدَمَتَيْها، وهو الخلخال. وقد يكون للفعل صورة: أحْمَقُ يَمْطَخُ الماء. إن تناول الحمق في تصرفات هؤلاء نبع من مواقف محددة على ضوئها بنى المجتمع وصفهم بالحمق، فغريزة الحيوان وطبائعه تحدد حمقه الذي يراه الإنسان حمقاً، وكذلك تصرفات الإنسان يفسرها المجتمع حمقاً لكنها قد تكون منطقية من قبل وجهة نظر الموصوف بالحمق لو طلب منه تفسيرها. إن هؤلاء الأعلام الذين ذكروا في تلك الأمثال اختلف في بعضهم ما بين رجل وامرأة بل وحتى الحيوان، فلو قام أحد الباحثين فجمع الأعلام المذكورين في الأمثال وترجم لهم، وتتبع أخبارهم لتَبَيَّنَ لنا وجهة نظرهم، ولاستطاع القارئ تحديد الحمق الذي تغيَّتْهُ العرب بعد الوصول إلى حقيقة الأمر.