أمام الرئيس الإيراني حسن روحاني طريق صعب لتمرير الأمور مع المرشد علي خامنئي، فوفق الدستور يعتبر منصب رئاسة الجمهورية أقوى منصب بعد المرشد الأعلى في السلطة، كما يجب أن يحظى رئيس الجمهورية، كسلطة منتخبة ومدعومة من الشعب، بأقوى صلاحيات، لكن في إيران للولي الفقيه كلمة الفصل في جميع المسائل والأمور. وعلى رغم أن خامنئي هو الولي الفقيه الذي تم تنصيبه من دون تأهله للقيادة، وإنما بفضل الهندسة التي مارسها رفسنجاني في الوقت الذي كان خامنئي رئيساً للجمهورية (في الثمانينات)، لذلك كان يعرف تماماً صلاحيات الرئيس وسلطته في صنع القرار في إطار هذا النظام، فضلاً عن أن فوز روحاني في انتخابات عام 2013 كان استهتاراً سافراً لسياسات خامنئي الانكماشية التي أدت إلى عزلة دولية لإيران وحصار اقتصادي خانق. لكن، في إطار مساومة الغرب مع النظام، جاء الاتفاق النووي لروحاني مع الولايات المتحدة في مثابة سياسة انفتاح شكلت متنفساً للنظام بالذات. وعلى رغم اعتراضات خامنئي الظاهرية، كان يتم إملاء البرنامج وهندسته بواسطة خامنئي تماماً، كما سبق أن أشار روحاني إلى هذا الموضوع مراراً عندما كان يقول: بالنسبة الى الموضوع النووي، فإن أي تقدم وإجراء نفذهما فريق المفاوضات كانا وفق إرشادات خامنئي بالذات. كما كشف روحاني أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة، عندما كان يواجه صعوبات، عن عتاب كان يواجهه في القضية النووية، محذراً خصومه بأنه سيسجل ذلك في مذكراته. لكن على رغم هذه الصعوبات، يعتبر روحاني أن الاتفاق النووي الشامل المشترك هو أكبر إنجاز حققه لمصلحته في المجال الديبلوماسي في تاريخ نظام ولاية الفقيه، لكن لوحظ في المناظرات الانتخابات أن الاتفاق النووي كان من التحديات المثيرة التي واجهها روحاني من المتنافسين والخصوم، كما لم يبخل خامنئي شخصياً أكثر من مرة في التطرق إلى آثار هذا الاتفاق السيئ وعدم جدواه أيضاً. لقد ركب روحاني في ولايته الثانية موجة توسيع الحريات المدنية وميثاق حقوق المواطنة، وهذا أمر لن يتحمّله خامنئي، إذ إن هذا «كأس سم» في مجال حقوق الإنسان ينفر منه خامنئي ونظامه برمته ويتجنبانه بشدة، كما يمكن أن يسبب تحدياً جدياً بين خامنئي وروحاني أيضاً. طبعاً مصدر هذا التحدي هو أن خامنئي، في منصب ولاية الفقيه، يريد نظاماً على أساس ديني ليمكّنه من فرض هيمنته على غراره، وهذا يتناقض مع السياسة العالمية والديبلوماسية، خصوصاً أن الرئيس روحاني جاء بشعار الحريات الفردية والتجارة الحرة ورعاية حقوق المواطنة، بينما خامنئي لا يتنازل عما يسميه القضايا الثورية بتاتاً. وستستمر هذه الخلافات بين الرئيس والمرشد الأعلى الى أن يسقط الاثنان، مثلما أشار خامنئي الى هذه الحقيقة أكثر من مرة بقوله أن النظام لن يبقى له من أثر. إن الخاسر في الانتخابات الإيرانية هو النظام برمته، فيما الرابح الوحيد هو المقاومة الإيرانية والشعب الإيراني لا محالة. سيبقى اسم روحاني « كآخر رئيس للجمهورية الإســلامية في إيران» في نظام طال أمده نحو 40 عاماً، مفعم بالإعدامات والشقاء والوحشية وسفك الدماء مثل بقية الديكتاتوريات السـيئة الصيت التي لفظها التاريخ.