عقد وزير الديوان الأميري الشيخ ناصر الصباح مؤتمرا صحافيا الأسبوع الماضي تحدث فيه عن مشروع استغلال الجزر الكويتية، في محاولة لإعادة إحياء المشروع الحكومي القديم الذي سبق أن تم طرحه على مجلس الوزراء في عام ٢٠٠١ لأول مرة، وصدرت بشأنه دراسات ومشاريع بقوانين عديدة آخرها المشروع بقانون مدينة الحرير الذي أحالته الحكومة إلى مجلس الأمة في ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦، وطرحت رأيي فيه وما يحتويه المشروع من مخالفات دستورية وقانونية في مقال سابق بعنوان «على طريق الحرير». إن ما طرحه الشيخ ناصر في مؤتمره الصحافي يستحق التوقف عنده، وذلك لكونه وزيراً للديوان الأميري وعضوا في المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية ورئيسا لفريق تفعيل رؤية سمو أمير البلاد «كويت جديدة ٢٠٣٥»، وسأستعرض في ما يلي بعض الملاحظات التي لفتت نظري لما طرح في ذلك المؤتمر: أولاً: قال الشيخ ناصر إنه لم يتم البدء في التشريعات الخاصة بالجزر ورؤية ٢٠٣٥، بينما الواقع يشير إلى غير ذلك لكون الحكومة تقدمت فعليا في ٣٠ نوفمبر الماضي بمشروع قانون بشأن مدينة الحرير والجزر الكويتية إلى مجلس الأمة، مما يدفعنا إلى التساؤل عن الجهة المسؤولة عن الجزر فعليا؟ وهل هناك اختلاف في الرؤى بين ما طرحته الحكومة والرؤية التي يحملها الشيخ ناصر؟ ثانياً: تطرق الشيخ ناصر إلى استقلالية الجزر، وكذلك مجلس أمنائها، وبالعودة إلى المشروع الحكومي الأخير فإنه ينص على إعفاء أعضاء مجلس الأمناء من تقديم ذممهم المالية لهيئة مكافحة الفساد! وهو أمر لا اعتقد يعطي مؤشرا إيجابيا، شخصياً أجد أن موافقة الحكومة على مبدأ استقلالية الجزر بهذا الشكل قد يفهم كإقرار واعتراف حكومي بفشلها في مشروع إدارة الدولة، ولن أتطرق إلى مخالفة هذا التوجه للنصوص الدستورية. ثالثاً: يقول الشيخ ناصر «إننا للأسف أسأنا فهم الخير إلى جانب مفهوم الرفاه الذي أصبح يسبب السكر والضغط والاكتئاب والفساد»، ولا اعتقد أن أحداً في الكويت يختلف فيما يقوله الشيخ ناصر، ولكن هل المواطن مسؤول عن السياسات الحكومية التي قادتنا إلى العجز في الميزانية العامة للدولة أو الخسائر الضخمة في استثماراتها الخارجية أو غياب سياسة تنويع مصادر الدخل الذي تنادت به الحكومات المتعاقبة؟ في الختام: إن الرؤية التي طرحها الشيخ ناصر طموحة جداً، لكنها – برأيي – غير واقعية لكونها تتطلب تشريعات عديدة قد تخالف نصوص الدستور، خصوصا في مسائل استقلالية الجزر، كتملك الأجانب للأراضي الكويتية وقضايا أخرى تتعلق بالضرائب. وفي حال تجاوز هذه العقبة فإنه يدفعنا إلى التساؤل حول مدى قدرة الدولة المالية في ظل العجز في الميزانية على تنفيذ مثل هذا المشروع الضخم؟ طارق عبدالله العيدانt.aleidan@gmail.comtaleidan@