نسمع ونقرأ عن السرقات من الأموال العامة وعن التجاوزات المالية في أجهزة الدولة، خصوصاً تلك التي يعلن عنها ديوان المحاسبة في تقاريره السنوية. هذا ما نقرأ عنه ونسمعه، والخافي قد يكون أكثر وأعظم. وبالمعنى العام.. اللي بالقفص أكبر من اللي بره.. وفي مثل هذه القضايا يفترض أن نعرف السارق أو المتجاوز على الأموال العامة بطريقة وأخرى أو صرف أموالا من دون فواتير.. كل هذا وغيره يفترض أن يعرفه عامة الناس ما داموا عرفوا أن هناك سرقات وتجاوزات على الأموال العامة.. لكن هذا لا يظهر بالعلن كما تظهر أخبار السرقات والتجاوزات، ليش ما ادري.. ربما لأن عاداتنا وتقاليدنا، يا الله من فضلك، لا تحب فضائح الحرامية ولا المتجاوزين؛ حرصاً على سمعتهم، وهم الذين ما حرصوا عليها، وربما لأن الشبكة طويلة بالأسماء الواجب الستر عليها، بدلاً من الفضيحة.. وكأن هذا الحرامي حين أقدم على فعلته فكر كثيراً في فضيحته التي يراها ذات اهمية لسمعته وتاريخه الناصع البياض. اكتشاف السرقة والتجاوز على الاموال العامة واعلانها مهمة من دون شك، وهي علامة وتأكيد على حفظ الاموال، وبالتالي محاربة الفساد الذي نتحدث عنه، لكن علينا ان نعرف ان الاهم من ذلك هو الإجراءات القانونية ضد من تثبت إدانته، وهذا ما هو غير موجود عندنا، وهو الذي شجع الكثير على ارتياد طريق سرقة الاموال العامة بطرق مختلفة، بعضها يصل الى طرق المافيا في السرقات بحيث يصعب اكتشافها، لكن الله سبحانه لهم بالمرصاد، اذ سرعان ما تنكشف السرقة وينكشف السارق.. ويمكرون والله خير الماكرين. التستر على الحرامية ومنذ سنوات هو الذي قادنا الى ما نحن نعاني منه اليوم، فقد وجد ضعاف النفوس ان السكوت عن الحرامي الذي ارتكب جريمته وهو بالمنصب الوظيفي ولم يأخذ عقوبته ولم يسأله احد عنها، ووجد الآخر فرصة للأكل من كيكة الحرامية المالية، وكأن خزينة الدولة والحفاظ على أموالها وكالة بلا بواب، تعال واسرق ما تريد ولا حسيب ولا رقيب في الأرض عليك. لو كان هناك واحد فقط دخل السجن بتهمة سرقة المال العام، أو التلاعب بالمشاريع العامة التي تكبد الدولة ملايين الدنانير، أو أي حرامي يسلك طريقاً لسرقة حرام من الدولة، لما تجرأ أي إنسان على السرقة، لكن قالوها: قال من أمرك بالسرقة؟ قال: من منعني؟! • نغزة: نعرف أن هناك سرقات وتجاوزات وتعديات على الأموال العامة وأملاك الدولة، وربما نعرف أكثر حتى مقادير الأموال وحدود التجاوزات، لكننا وللأسف لم نستطع معرفة السراق.. ويبدو أن المسروقات المسكينة هي وحدها تعرف من سرقها.. صحيح من أمن العقوبة أساء الأدب. طال عمرك. يوسف الشهاب