ربما تود تيريزا ماي أن تعتقد بأنها امرأة صعبة المراس، ولكن بالنسبة إلى الحكم التاريخي الذي سيكون له تأثير رئيس في أعمال بريطانيا عقب «البريكست»، فإن محكمة العدل الأوروبية، قد تثبت أن المشهد أكثر دموية، مقارنة بما تثبته هي. وقالت المحكمة إنه ليس باستطاعة الاتحاد الأوروبي التوقيع على صفقات تجارية شاملة، تجمع بين التجارة والاستثمار في اتفاق واحد، دون التصديق عليها من قبل كل دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على حدة. وألحت المفوضية الأوروبية على أنه كان كافياً بالنسبة إلى اتفاقات التجارة والاستثمار، أن يتم ختمها من قبل مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل وستراسبورغ، ولكن المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي، وجدت من أجل الرقابة البرلمانية الوطنية. وهذا يعني أن الممثلين المنتخبين من إيرلندا وصولاً إلى بلغاريا، سيكون لهم الحق بالتصويت في برلماناتهم الوطنية، بشأن المعاهدات الهامة التي لها عواقب وخيمة على ناخبيهم. وجاء حكم محكمة العدل الأوروبية بعد اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وسنغافورة، التي أبرمت قبل أكثر من ثلاث سنوات. وكانت واحدة من اتفاقيات «الجيل الجديد» الخاصة بالتجارة الدولية. ومع ذلك، فإن الحكم الآن سابق لجميع اتفاقات التجارة الأوروبية المستقبلية، بما في ذلك الصفقة التي تريد تيريزا ماي أن تتوسط بها مع الاتحاد الأوروبي، والتي ستحدد علاقة المملكة المتحدة بأوروبا، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد يكون ذلك انتصاراً للديمقراطية، ولكنه قد يشكل كارثة بالنسبة لبريطانيا. ويؤكد الحكم أن بروكسل ببساطة لا تمتلك السيطرة المطلقة على التجارة الأوروبية التي تدعيها، وذلك بالنسبة للصفقات الأكثر تعقيداً. ويجب أن يسمح للبرلمانات الوطنية بأن يكون لها قول فصل في ذلك. والأهم من ذلك، هو أن المحكمة اعترفت أيضاً بالحساسية المتعلقة بالآلية التي تسمح للشركات متعددة الجنسيات، بمقاضاة الحكومات بسبب فقدان الأرباح، من خلال «محاكم الشركات» في الاتحاد الأوروبي. وأصبحت هذه المحاكم أكثر العناصر سمية في الجيل الجديد الخاص بالاتفاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، ورفضها ما نسبته 97 % من المشاركين في الاستطلاع العام للاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات. وتواصل الهيئة دعم هذا النظام رسمياً. وقد حظيت بتأييد الحكومة المحافظة، إلا أن رفض الاعتراف بالمعارضة العامة، جاء مناهضاً لها. وكانت اللجنة قد حجبت حملة للمواطنين الأوروبيين في السابق، تعنى بالمفاوضات التجارية المثيرة للجدل مع الولايات المتحدة وكندا. غير أنه في حكم منفصل قدم مؤخراً، أخفت محكمة العدل الدولية القرار هذا، قائلة إنه يتعارض مع المبدأ الأساسي للديمقراطية، الذي يمثل «أحد القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي». والنتيجة هي أنه سيكون على كل برلمان وطني وإقليمي في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي الآن، التوقيع على صفقات تجارية في المستقبل، تشمل إما استثمارات المحفظة أو استخدام المحاكم العليا. وينطبق هذا المبدأ ذاته على أي اتفاقية تجارية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وهذا يعني أنه سيكون هناك تأخير لا مفر منه قبل سنوات من التصديق على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويعارض حزب العمال، مبدأ الشركات التي لها محاكم خاصة ومميزة لتسوية النزاعات بين المستثمرين والدول. ونحن وطنيون بما فيه الكفاية، للاعتقاد بأن ليس هناك سبب وجيه يفسر لماذا لا يمكن أن يتوقع من المستثمرين الأجانب الآتين من أوروبا، حل أي نزاع منصف من خلال العدالة البريطانية التي تعمل عبر المحاكم البريطانية. ونحن أوروبيون بما فيه الكفاية، للاعتقاد بأن شركاتنا يمكنها فعل الأمر ذاته بالاعتماد على المحاكم الأوروبية. وقد يحقق تفاوض مثل هذا إرادة سياسية جيدة. وهو ما قد يعني أن «المرأة الصعبة»، ظلت تعاني من افتقار في المفاوضات مع شركائنا الأوروبيين. وعندما يمتلك كل برلمان وطني في أوروبا، القوة الكافية للاعتراض على العلاقة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، فإننا بحاجة إلى بناء علاقة أساسها الثقة معهم، وعدم جعل التهديدات هامدة. التخلي عن الاتحاد الأوروبي من دون اتفاقية تجارية، هو أسوأ احتمال ممكن. وسيدين هذين المصدرين البريطانيين، وصولاً إلى مجموعة القواعد الكاملة من التعريفات والحواجز التي تطبق بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية. ويعتبر هذا خروجاً متهوراً لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي تسعى المشاريع إلى تجنبه. وهو القرار الذي قربه حكم محكمة العدل الأوروبية خطوة واحدة للتو، وتهدد تيريزا ماي بجعله حقيقية واقعة. وتعتبر أي حكومة عمالية أكثر قدرة على تأمين اتفاق التجارة والاستثمار في الوقت المناسب، الذي نحتاج فيه لحماية الوظائف، و44 % من صادراتنا التي تجد حالياً سوقاً في الاتحاد الأوروبي.