لدينا فئة تريد لعب دور البطل والمضطهد في آن واحد، يريدون لعب دور المبدع اللحوح، هذه الفئة للأسف هناك من يشجعها ويؤيدها، بل ويرى أن ما يفعلونه حق، من باب أن المؤسسات العامة ملك خاص لكل شخص، وبالتالي من حقه أن يقتطع جزءا من هذه المؤسسة أو يفرض نفسه عليها بصفته مواطنا. أحد هؤلاء الفئة الممثل في التلفزيون «فايز المالكي» الذي أرسل شكوى سريعة يتباكى فيها بأنهم منعوه من دخول تلفزيون بلده لأنه انتقد التلفزيون، ولست أدري هل يعرف البطل أن هناك 17 مليون مواطن ومواطنة لا يسمح لهم الدخول ولا الظهور على القنوات، فهل هم أيضا من المفترض أن يطالبوا بالدخول أسوة «بالمالكي» وأن القنوات قنواتهم؟ أعرف أحد الأصدقاء ممنوع من الظهور على القنوات لكنه يرى أن التعاقد معه أو عدم التعاقد حق للطرفين، وأنه طالما لم يمنع من الظهور في قنوات أخرى، فلا يحق له أن يردح أو يتسول أو يدعي قائلا «منعوني من تلفزيوننا»، لأنه لو كان مسؤولا في قناة بالنهاية سيختار من يعتقد أنه مناسب للظهور، ولن يتعاقد مع من يظن أنه لا يفيد. مشكلة «المالكي» أنه متناقض في طرحه إلى حد كبير، فهو من جهة يعلن أن هذا التلفزيون لا يوجد فيه مدير واحد وفكر واحد، وأن بالتلفزيون 100 ألف مدير، ولكل منهم وجهة نظر في العمل، وهذا يضر بجودة العمل فنيا، ومع هذا يريد أن يعمل بهذه البيئة التي يؤكد أنها تضر بالعمل، فهل يعقل أن ترى مكانا لا يصلح للعمل، ويفشل أي عمل فني، في نفس الوقت تصر على تقديم أعمال فيه؟ أنت هنا إما عدو لنفسك وتريد أن تقدم عملا أنت تعرف مقدما أنه سيفشل، أو أنك وبسبب الحماس وادعاء البطولة قلت كلاما لا يمت للحقيقة بصلة طالما تصر على العمل في هذا المكان. المحبط أن هذه الفئة التي ولأسباب مجهولة أصبحت نماذج لأفراد المجتمع، بدل أن تعلم الأجيال الاعتداد بالنفس والدفاع عن كرامته وألا يريق ماء وجهه، هم أنفسهم يريقون ماء وجههم ويتسولون ويريدون لعب دور البطل أيضا.