لم يعد المجال الرياضي يصنف ضمن النشاط البدني فحسب كما هي القاعدة التي دربنا عليها في المدارس: «العقل السليم في الجسم السليم»، بل أخذت الرياضة سياقاتها السياسية، والثقافية، والاجتماعية، والأهم السياقات الفنية. حين تشاهد المباراة أو تنظر إلى إبداع اللاعب في كرة القدم فإن هذا يشبه قراءة قصيدة أو سماع أغنية أو الإنصات إلى لحن شجي. هذا المستوى من التذوق الكروي لم يعد سائدا في بلداننا للأسف الشديد، إذ سرعان ما أخذت الصيغ المتعصبة مجال كرة القدم الغني. هناك كتابات لا تعبر عن «فن الرياضة»، بقدر ما تحول الانتماء الرياضي إلى ميدان للتنابز وتصفية الحسابات، فصار المشجع يدافع عن النادي كما يدافع الطائفي عن طائفته والعنصري عن عرقه وقبيلته، راح الفن وحضرت الحدية. ثمة صراع أحسبه كان هامشيا، وهو الصراع على «الأسطورة»، وهذا اللفظ أصلا ليس بالأهمية التي تطرح لدى بعض الإعلاميين، هناك عمالقة خدموا كرة القدم السعودية كلهم محل تقدير وإكبار، ولهم إنجازاتهم التي تتداولها الأجيال من خلال «اليوتيوب» تحديدا الذي خلد إنجازات أولئك النجوم الذين أبدعوا في تمثيل بلدانهم مع أنديتهم ومنتخباتهم. منطقيا لا يمكن أن تلغي مبدعا لأن هناك مبدعا آخر في مجاله، وإلا لكان في كل ميدان واحد أوحد لا ينازعه أحد في أي من المجالات من الفيزياء إلى الشعر إلى الرياضة، لم نقتنع بعد أن القمة تتسع للكثيرين وأن الواحدية المطلقة في الإبداع لا توجد إلا بأذهان المتعصبين. أتمنى أن تعود الرياضة إلى سابق عهدها من حيث الثراء الذي تضيفه على المستوى الفني، جرب أن تتأمل فنيا بأي هدف كان، وأي هجمة جميلة، وأي تكتيك لافت، ستكتشف أن في الكرة من الفنون والجمال مثل الذي في الشعر والسينما والموسيقى، إنها مجالات فنية وليست انتماءات قبلية. لنخفف من التعصب ولنتعامل مع الرياضة بشكل فني. www.turkid.net