بعد مرور خمسة وعشرين عامًا على ثورة الفاتح من سبتمبر في ليبيا سئل العقيد الراحل معمر القذافي عما حققته الثورة للشعب الليبي، ثار العقيد وأرعد وأزبد ونهر السائل قائلًا: إن إنجازات الثورة لا تحسب بعد خمسة وعشرين عامًا وإنها تحتاج إلى ما لا يقل عن خمسين عامًا لتظهر للعيان، طبعًا العقيد لم يكمل خمسين عامًا في السلطة وارتفعت رياح التغيير قبل أن يتمكن من أن يقدم لشعبه كشف حسابه الخمسيني. في بلد عربي آخر علمت أنهم يرفعون شعار "خمسون عامًا من الاستقلال مازال واقفين" فتساءلت هل كان واضعو الشعار يقصدون أن يقولوا أن مجرد استمرار بلادهم في الوقوف على قدميها بعد خمسين عامًا من الاستقلال دون أن تنهار هو إنجاز يستحق أن ترفع له الشعارات، ولعلهم بذلك يستذكرون حال الصومال الذي انهارت أوصال دولته بعد خمسين عامًا من الاستقلال أو العراق الذي فقد استقلاله بعد الغزو الأمريكي في مطلع هذا القرن أو غيرهما من البلدان العربية والإفريقية التي فرطت في الحفاظ على كيانها وحريتها؟ أو لعل واضعي الشعار كانوا يمارسون النقد الذاتي بقولهم: أنهم ما زالوا واقفين بعد خمسين عامًا في حين أن العالم من حولهم قد انطلق في ركب الحضارة وتركهم واقفين، فهاهي اليابان تنهض من بين أنقاض الحرب العظمى وتبني في خلال خمسين عامًا اقتصادًا متطورًا حديثًا، وهاهي كوريا تفعل الشيء ذاته، وماليزيا تسعى جاهدة للحاق بركبهما. ماذا فعلت خمسون عامًا من الاستقلال أو الثورة في وطننا العربي؟ اليمن اليوم أكثر تمزقًا وتناحرًا من أي وقت مضى، والعراق بمغامراته الطائشة أصبح مسرحًا لداعش، وحكم الأسد في سوريا مازال يسعى إلى الحفاظ على السلطة فوق جماجم الشعب، ولبنان أكثر طائفية من لبنان بشارة الخوري ورياض الصلح، والسودان فقد نصفه وهكذا. خمسون عامًا تمثل في تاريخنا نصف قرن ضائع.. فماذا ترانا نقول بعد خمسين عامًا؟ هل نقول مائة عام ما زلنا واقفين أم ترانا نقول في مائة عام سبقنا الزمن وكتبنا التاريخ وحققنا الدولة الحضارية التي ترفع راية العلوم والآداب والفنون وتكفل لأبنائها العدالة والمساواة وتحافظ على كرامة الانسان وحقوقه؟ سؤال أتركه للجيل القادم ليجيب عليه. afcar2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain