استقبل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، وبحثا الاستقرار الإقليمي، وذلك في إطار سعي إيران إلى ترميم علاقاتها مع دول الخليج، بعد اعتدائها السافر على قطر الشهر الماضي. في حين تتصاعد الدعوات الخليجية لطهران بضرورة ترميم علاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، بعد عدوانها السافر على دولة قطر الشهر الماضي، بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في الرياض، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وقف إطلاق النار الساري بين إيران وإسرائيل منذ أسبوعين، حسبما أعلنت وزارة الخارجية السعودية. وفي منشور على منصة إكس، أرفقته بمقتطف فيديو للقاء، قالت الوزارة إن بن سلمان «أعرب عن تطلع المملكة إلى أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار في تهيئة الظروف لتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة»، وأضافت أن ولي العهد أكد أيضا «موقف المملكة في دعم الحوار بالوسائل الدبلوماسية كسبيل لتسوية الخلافات». من جانبه، أشاد الوزير الإيراني «بجهود» ولي العهد السعودي «لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة»، وفق المصدر نفسه. وكانت الرياض نددت بالضربات الإسرائيلية المدمرة التي استهدفت إيران في يونيو، واعتبرتها «عدوانا» و«انتهاكا صارخا» للقانون الدولي، كما أعربت عن «قلقها البالغ» في أعقاب الضربات الأميركية على منشآت نووية إيرانية رئيسية. وكان عراقجي توقف في جدة قادماً من البرازيل، حيث التقى نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وجرى بحث «العلاقات الثنائية، ومناقشة آخر التطورات بالمنطقة، والجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار فيها»، وفقا لوكالة واس. وبحث كذلك وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع عراقجي تطورات الأوضاع في المنطقة، والجهود المبذولة حيالها، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. جاء ذلك فيما تتبادل واشنطن وطهران الإشارات المتضاربة بشأن استعدادهما للعودة إلى طاولة المفاوضات، في حين تسعى طهران إلى رفع سقف شروطها على قاعدة أنها تحتاج إلى ضمانات أكبر بعد الهجوم الإسرائيلي - الأميركي عليها. وقال رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أنه يؤيد رفع ترامب العقوبات على إيران لو تحقق اتفاق يوقف جميع الأنشطة النووية والصواريخ البالستية. وفيما يبدو أن طهران مهتمة حصرا بموقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتعول خصوصا على رغبته في التوصل إلى اتفاق وتحصيل مكاسب اقتصادية، قال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة رويترز إن القوى الأوروبية «ستضطر إلى إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، إذا لم يكن هناك اتفاق نووي يضمن المصالح الأمنية الأوروبية». وجاءت تصريحات المصدر الدبلوماسي بعد اتصال بين وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره البريطاني ديفيد لامي، قبيل قمة فرنسية - بريطانية. نتنياهو يؤيد رفع ترامب العقوبات على إيران لو تحقق اتفاق يوقف الأنشطة النووية والصواريخ البالستية وبعد الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران، حيث استهدفت مواقع نووية أغلبها تراقبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأيضاً الضربات الأميركية على 3 مواقع نووية، علقت طهران تعاونها مع الوكالة، واتهمت الأوروبيين بالانحياز إلى تل أبيب وواشنطن، رغم أنها كانت في قلب المفاوضات. وبموجب شروط قرار الأمم المتحدة، الذي صادق على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بإمكان القوى الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) معاودة فرض عقوبات المنظمة الدولية على طهران، وفق آلية «سناب باك» (snapback) التي يطلق عليها كذلك «آلية الزناد»، قبل 18 أكتوبر، وهو ما يُعرف في الأوساط الدبلوماسية باسم «آلية معاودة فرض العقوبات». وحذّر عراقجي الترويكا الأوروبية، التي تضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من تفعيل آلية «سناب باك». وقالت مصادر إيرانية، لـ «الجريدة»، إن إيران ستخرج من معاهدة حظر الأسلحة النووية في حال مضى الأوروبيون بتهديداتهم. الى ذلك، قال مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، نيكولا ليرنر، في وقت متأخر أمس الأول، إن البرنامج النووي الإيراني تأخر «بالتأكيد أشهرا عدة على الأقل» بفعل الضربات الإسرائيلية والأميركية. ولدى سؤاله خلال مقابلة أجرتها معه قناة إل سي إي الفرنسية، حول تأثير الضربات على المواقع النووية الإيرانية، قال ليرنر، الذي يرأس المديرية العامة للأمن الخارجي: «بالتأكيد أشهر عدة على الأقل، لا شك في أن البرنامج بتصوره الصناعي تأخر». وفيما يتصل بالقدرة على تخصيب اليورانيوم أو تصميم رأس نووية أو تحميلها في صاروخ، قال ليرنر: «إن تقييمنا اليوم يفيد بتأثر وتضرر كل من هذه المراحل بشدة، وبأن البرنامج النووي الإيراني كما عرفناه تأخر كثيرا جدا»، وأشار إلى أنه «على الرغم من ذلك، تبقى هذه حقيقة بحاجة إلى مزيد من التدقيق». وبحسب المتحدث باسم «البنتاغون»، شون بارنيل، فقد أعادت الضربات الأميركية إلى الوراء البرنامج النووي الإيراني «مدة تتراوح بين سنة وسنتين على الأقل»، في تصريحات تناقض ما خلص إليه تقرير سري للاستخبارات الأميركية كانت وسائل إعلام أميركية أوردته، مفاده أن الضربات أخرت البرنامج النووي الإيراني بضعة أشهر فقط. وقال ليرنر: «هناك عاملان يدعوان إلى توخي الحذر»، هما مصير جزء من مخزون اليورانيوم العالي التخصيب، وخطر أن تواصل طهران تطوير برنامجها النووي بشكل سري، لافتا إلى وجود «إجماع على أن المادة، نحو 450 كلغ من اليورانيوم المخصب، ربما تم تدمير جزء صغير منها، لكن هذه المادة ما زالت بيد النظام»، وأضاف: «لسنا في وضعية تسمح لنا بتتبعها بشكل مؤكد (...)، خصوصا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تستأنف عملها، لذا فإن هذا الأمر مهم جدا». في شأن متصل، ذكرت شبكة فوكس نيوز، في تقرير استنادا إلى مصادر استخباراتية مفتوحة، أن إيران كانت تمتلك في بداية الحرب مع إسرائيل نحو 3000 صاروخ، وما بين 500 و600 منصة إطلاق للصواريخ، وفي نهاية الحرب التي استمرت 12 يوما انخفض هذا العدد إلى حوالي 1000 إلى 1500 صاروخ، و150 إلى 200 منصة إطلاق. وجاء في هذا التقرير، نقلا عن خبراء، أنه رغم احتفاظ طهران بقدرتها على ممارسة النفوذ وتهديد إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة، فإن هجمات تل أبيب والولايات المتحدة أدت إلى تراجع كبير في قدرة النظام الإيراني على شن هجمات واسعة ومستمرة.